أتحفنا اليوم المدعو رامي الأمين بـ”مؤخرته” في نهاية نشرة الأخبار على قناة الجديد، فأغرقتنا “مؤخرته” هذه بما تغرق مؤخرات الخليقة مجارير المدن والبلدات فـ”طفّحنا” برائحته النتنة في “عز دين” الشتاء والشبابيك مقفلة ووسائل التدفئة تضاعف فعالية النتانة!
أما ما أخرجه الأمين من “مؤخرته” فمفاده أن دفاع رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهّاب عن مبادرة الدكتور جعجع في ترشيح الجنرال عون لمقعد رئاسة الجمهورية، وكلامه الإيجابي عن الدكتور جعجع، يتناقض مع تهجمه على الدكتور جعجع ليس منذ سنة أو سنتين، بل منذ أكثر من ثلاث سنوات. أما الغريب، فهو كيف غاب عن “مؤخرة” الأمين كلام وهّاب الإيجابي المتعلق بالفساد عن وزراء القوات الذين اعتبرهم خارج دائرة الفساد، وذلك لمدة تمتد إلى حوالي الثلاث سنوات قبل ترشيح جعجع لعون؟ الظاهر أن “مؤخرة” الأمين حينها كانت تعمل في مجال آخر يتعلق بـ”سد”” الفتوحات بدلاً من استخدامها لنشر الروائح الكريهة!
نعم، أمثال رامي الأمين الذين يعتبرون أن التطرق إلى المواضيع السياسية والوطنية اللبنانية لا تجوز إلّا من خلال “المؤخرات”، هم انعكاساً لمستوى ما يمثلون… “المؤخرات”! إن تقارب وهّاب وجعجع بالنسبة إلى الأمين وأمثاله هو خيانة بحق دائرة “المؤخرات” من المدّعين مواطنية و”فهم”. كما كانوا يعتبرون بالأمس تقارب الجنرال عون والسيد حسن خيانة الجنرال لمبادئه! وماذا عن تقارب جنبلاط مع جعجع في العام 2005؟ وماذا عن مصالحة الجبل؟ وماذا عن التكامل المسيحي-الإسلامي في الجبل بعد سنين من المذابح والشتائم لأنبياء وقديسين الطرفين من قبل الطرفين؟ وماذا عن عودة ضباط جيش لحد إلى بيوتهم في الجنوب بعد إكمالهم مدة سجنهم السنتين وتقبل الجنوبيين لهم وعدم التعرّض لهم؟ وماذا عن استقبال حزب الله وحركة أمل لحزب الكتائب اللبنانية ممثلاً بالرئيس أمين جميل بمهرجان رسمي وشعبي في الجنوب مؤخراً؟ وماذا عن استقبال الوزير سليمان فرنجية لآل جميل في منزله والتنسيق معهم؟
بالنسبة إلى منطق “مؤخرة” الأمين فإن مصالحة الجبل هي خيانة لجميع شهداء حرب الجبل (المشؤومة)، فما هو البديل؟ البديل هو قضاء أحد الطرفين على الآخر كي “تنبسط” مؤخرة الأمين؟ وماذا عن الوزير سليمان فرنجية واستقباله آل جميل والتنسيق معهم، هل هي خيانة لدماء والده؟ هل الوزير فرنجية “كاذب” أيضاً مقارنة بمواقفه المعادية وشتائمه لعقود لآل جميل وحزب الكتائب؟ ومن كان “الكاذب” في مصالحة الجبل؟ وماذا عن تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر؟ من “الكاذب” بينهما؟ وماذا عن عودة ضباط جيش لحد إلى منازلهم تحت سلطة القانون، هل هي خيانة من قبل السيد حسن أو الرئيس بري للشهداء الجنوبيين؟ هل السيد حسن “كاذب”؟ هل الرئيس بري “كاذب”؟ وماذا عن قتال الجنوبيين لحزب الكتائب لسنين من خلال حركة أمل، ثم استقبالهم بالأحضان في الجنوب؟ هل (مرة أخرى) الرئيس بري “كاذب”؟ كل من تصالح من اللبنانيين، تختار “مؤخرة” الأمين أحدهما لاعتباره كاذباً… لا عجب، فهو منطق “المؤخرات”!
ما هو الغريب في دعم وتشجيع وهّاب لمبادرة تدعم ترشيح مرشحه هو منذ العام 2007 لرئاسة الجمهورية؟ لو فعل عكس ذلك لكان الاستغراب مبرّراً، ولكن هذا منطق العقول، منطق لا يتوافق مع مقاربة “المؤخرات”!
وهنا نأتي إلى “تطاول” الأمين على مصداقية وئام وهّاب، حيث أتحداه ومن يقف وراءه ومن “يحقن” مؤخرته أن يريني تراجعاً أو مساومة أو انحناءة واحدة اعتمدها وهّاب في مسيرته السياسية. عندما هادنوا، وهّاب تحدّى… عندما ساوموا، وهّاب تشبّث… عندما “تحالفوا” عن غير قناعة، وهّاب خاصم… وعندما تبوؤوا المناصب من خلال بيع المواقف، وهّاب رفس المناصب وتمسّك بالمواقف… عندما “تركوا” أصدقاءهم تحت سكين خصومهم من أجل مصالحهم الوطنية والحزبية، وهّاب حضن ودعم أصدقاء “خصومه” إيماناً منه بنصرة الضعيف، حتى الخصم منه!
إن تقارب وهّاب وجعجع ليس إيجابية فحسب، بل هو ضرورة وطنية لترسيخ التكامل الوطني، خصوصاً في الجبل. إيّاك وبث سمومك في “جبلنا”، فنحن أهل الكرامة والشهادة والتاريخ، نخاصم برجولة ونصادق برجولة! واعلم أن وئام وهّاب هو من رحم جبل العروبة والمقاومة والوطنية؛ يقول كلمته من وجدانه الوطني وأخلاقه الإنسانية ورأسه المشبّع بالعنفوان… لا من “المؤخرات”!
فالزم حدودك، وأخرج ريح “مؤخرتك” في منزلك، لا تخرجها في منازلنا… هزُلت!