يبدو أن مسيرة الاستحقاق االرئاسي في مطلع العام 2016 لن تكون سهلة وميسّرة، إنما صعبة إلى حدّ بعيد، وذلك بالقياس إلى مندرجات الوضع السياسي المأزوم داخلياً وإقليمياً، وهو الأمر الذي يؤكده، أقلّه حتى اللحظة، مسار الأمور على الخطّين الآنفي الذكر.
محلياً، تراجعت حظوظ المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري، وعادت الأمور بهذا الملف إلى المربع الأول وسط «خربطات» سياسية واسعة ومؤثّرة، بما يوحي، وهو ما يؤكده أكثر من طرف سياسي ذو شأن، بأن لا انتخابات رئاسية أقلّه في المديين المنظور والقصير الأمد.
بالمقابل حرّكت المبادرة التي اطلقها رئيس القوات اللبنانية وترشيحه من معراب للعماد عون لرئاسة الجمهورية الجمود السياسي الذي كان سائدا وخلقت حالة من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض واعادت خلط الاوراق السياسية من جديد.
إقليمياً، لا تبدو الأمور جيّدة، وفرص التسويات السياسية بدأت تضيق شيئاً فشيئاً،بعد التباعد السعودي – الايراني وتوتر العلاقات فيما بينهما بعد اعدام النمر على ايدي السلطات السعودية والاعتداء على السفارة السعودية في طهران، فضلا عن أن مسألة الارتباط بالأزمة السورية وتطور الميدان ونتائج الحلول، أمر قد يكون له تأثير مباشر وفعال جداً على الساحة اللبنانية بالنسبة لانتخابات رئيس الجمهورية، ما يعني أن لبنان سيبقى في 2016 تحت الضغط الإقليمي.
وإذا كانت هذه العوامل المحلية والاقليمية سوف تلقي بتداعياتها على الوضع السياسي عموما وعلى الملف الرئاسي بشكل خاص ، فإن الخوف الحقيقي في العام 2016 هو على القطاع المصرفي اللبناني الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل استمرار أزمة المؤسسات الدستورية في الداخل، وتراجع النشاط الاقتصادي المحلي، إضافة إلى تراجع أداء اقتصادات دول الخليج العربي التي تعتبر المصدر الأساس للتحاويل المالية إلى لبنان .دون ان ننسى التدخلات الاميركية للضغط على المصارف اللبنانية من ضمن سياسة العقوبات الاميركية وملاحقتها للرساميل التي تزعم الادارة الاميركية بتمويلها لحزب الله.
وبالعودة الى الشغور الرئاسي، فقد كشفت السجالات الداخلية عن اتجاه لدى عدد من القوى السياسية اللبنانية لإفراغ المبادرات الرئاسية من مضمونها والتقليل من الاندفاعات الأخيرة التي حصلت على خط إنهاء أزمة الشغور الرئاسي التي برزت بعد الاتفاق العوني-القواتي بترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لزعيم التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، فقد جاءت المواقف الصادرة عن كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري وال والنواب سامي الجميل ووليد جنبلاط لتعيد الأزمة الرئاسية، مع مبادرتيها الأولى والثانية، إلى دائرة الصفر والمربع الأول.
هذه التطورات تأتي في ظل صمت يمارسه حزب الله وفي مسار يبتعد فيه عن اللجوء إلى إعلان موقف واضح من مبادرة جعجع بانتظار استجماع الآراء والمواقف من دون أن يبدي سلبية من هذه المبادرة، خاصة وان الحزب مازال متمسكا بترشيح عون وهذا ما كشفته احد الصحف اللبنانية التي اشارت الى ان المسؤول عن وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا زار الرابية بعد 48 ساعة من “اعلان معراب” وكرر موقف الحزب الداعم لعون من دون اي تغيير، مؤكداً انه ثابت عند موقفه حتى في ظل استمرار ترشح النائب والحليف سليمان فرنجية، وان كان الحزب يفضل ويعمل على عدم المشاركة في جلسة انتخابية يكون فيها مرشحان من قوى 8 آذار”.
وبانتظار ان تحسم الكتل النيابية موقفها النهائي من ملف الشغور الرئاسي على ضوء التطورات الميدانية في سوريا ، يبدو ان معركة الرئاسية في لبنان مرشحة الى مزيد من التفاعل خاصة بعد ما نسبته صحيفة «العرب» القطرية إلى النائب فرنجية من أنه لن يتنازل لمصلحة عون حتى لو هاتفه (الرئيس السوري) بشّار الأسد والسيّد نصر الله!
وأضاف فرنجية: «فلننزل إلى انتخابات، وليتنازل صاحب الأصوات الأقل لمصلحة صاحب الأصوات الأكثر». في حين ستؤثر تطورات الملف الرئاسي على بنية القوى السياسية وتموضعها في كل من 8 و 14 اذار, خاصة وان الترشيحات لشخصيات من 8 اذار للعماد عون والنائب فرنجية, جاءت من اقطاب في قوى 14 اذار وهما جعجع والحريري.