أُضيفت العاصمة الإندونيسية جاكرتا إلى قائمة العواصم والمدن التي ضربتها الهجمات الإرهابية، في الوقت الذي يتوقّع فيه المراقبون أن مدناً أخرى لا سيما في الغرب تنتظر المصير نفسه ، رغم ما تتخذه من إجراءات أمنية مشددة وفرض لقوانين الطوارئ سراً وعلناً ، فأغلب العواصم العالمية أصبحت تعيش على هاجس اسمه الإرهاب ، وتتوجس من اعتداء غادر قد يضرب مكاناً ما.
أغلب المناطق التي تعرضت لضربات إرهابية كانت الاجهزة الامنية والاستخبارية تتوقعها على نطاق واسع، ولكن ما يجعل مشاعر الخوف تتصاعد وتخرج عن السيطرة في أحيان كثيرة، أن هذه الأجهزة تتوصل بمعلومات كافية تمكنها من إحباط عشرات الاعتداءات، ولكن هناك إرهابيين يفلتون من الرقابة، وحين ينفذون عملية ما تختفي الانجازات الأمنية في إحباط خلايا إجرامية ، لتبقى صورة الإرهاب البشعة تتصدر المشهد العالمي.
في هذا الوقت ارتفع مؤشر الخطر الإرهابي في لبنان بعد التحذيرات التي تلقّتها الأجهزة اللبنانية من جهات دولية، من اعتداءٍات ارهابية او اغتيالات سياسية كبيرة قد ترتكبها جماعات ارهابية في لبنان،. إنها أيضاً التقديرات والتحليلات التي يجري تداولها في بعض الأوساط السياسية والاعلامية اللبنانية. فالاحتقان السياسي والاجتماعي والاقتصادي الخانق ربما يتمّ تنفيسه أمنياً، لأنّ كلفة تنفيسه سياسياً أو اجتماعياً أكبر وأخطر.
بشهادة تقارير اسنخبارية ، تشير إلى تنظيم «داعش» الإرهابي يعمل على استحداث خروفات امنية في لبنان ، مستفيداً من أزمات داخلية في البلاد، ومن عودة مئات التكفيريين من بؤر التطرف في سوريا والعراق.
ما ينتظره لبنان قد لا يختلف كثيرا عما جرى في إسطنبول التركية، فالهجوم الإرهابي الذي تبناه «داعش» لم يكن مستغرباً لاعتبارات عديدة ، منها أن تركيا كانت معبراً لآلاف المتطرفين إلى سوريا طوال السنوات الخمس الماضية، ومن شأن ذلك أن يجر عليها بعضاً من المصائب، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً وزعم حكومتها مواجهة التنظيمات الإرهابية .
وما يعيشه اللبنانيون من قلق وحذر يتماهى كثيرا مع الهلع المسيطر على العواصم الغربية، فأغلبها يعيش حالة قاهرة لم ترها منذ الحرب العالمية الثانية، ففي باريس ولندن وروما وبرلين ومدريد وجنيف، هناك عشرات الآلاف من رجال الشرطة المدججين بمختلف أنواع السلاح يجوبون الشوارع والأزقة ، ومع ذلك تمكّن الإرهاب من تحقيق بعض أهدافه الإجرامية ، فضرب باريس مرة ثانية قبل شهرين من الآن، ومنذ ذلك التاريخ يعيش الفرنسيون تحت قانون الطوارئ ، وفي الأفق إجراءات أشد مع التوقعات بتكرار اعتداءات جديدة.
هذا المنطق ربما يساعد دول العالم قاطبة على وضع الخطط المتكاملة للقضاء على هذه التهديدات التي لا تجابه بسياسات عشوائية ومتهورة ، وإنما بالتنسيق والتعاون بين المعنيين والإجراءات الاستباقية، وهي حالة لن تدوم.
ومن المهم الإشارة إلى أن الجهود الدولية قد حققت في الأشهر الأخيرة إنجازات أمنية كبيرة سواء بضرب بؤر التكفير في معاقله في سوريا والعراق عبر الهجمات الجوية والعمليات الخاصة، أو بتفكيك خلاياه النائمة في أكثر من بلد، وهي خطوات مشجعة تعزز الأمل في انتصار إرادة الحياة وقهر دعاة الموت والظلامية منعا لوصول شظاياهم مرة جديدة الى لبنان .