تتجدد الحاجة اليوم لفكر عروبي عصري وجيوش عربية عقائدية متماسكة، وذلك بعد مرور سنوات عديدة على الهجمة الإرهابية التي امتدت على كل مساحات سورية والعراق ومصر واليمن ولبنان وغيرها من البلدان العربية التي اكتوت بنار الفتنة والتشرذم، وذلك بغية تحليل الواقع العربي تحليلاً علمياً وموضوعياً لما واجهته أمتنا وتواجهه من إرهاب ممنهج ،والكشف عن نوعية معضلاته، وصياغة الحلول التي تلائم الواقع ، في مواجهة هذا العدوان على الامة.
فبعد الهجمة التكفيرية على ايقاع مقولة “الربيع العربي” والتي بدأت بتفتيت الأمة العربية بدءا من العراق وتونس مرورا بمصر وصولا الى سوريا واليمن والسودان كان لا بد التذكير “بالعروبة” كقدر للأمة العربية وأمراً حتمياً، بعدما حدث ما حدث من مشروع تقسيم وتجزئة يطال المواطن العربي بكل فئاته، ولأن “العروبة” الجامعة والعابرة لكل الطوائف والمذاهب في هذه الظروف العصيبة هي السبيل إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة كافة, “والعروبة” هي سبيل العرب للتحرر من كل أثر من آثار الفتنة الداخلية في منطقتنا العربية, وهي السبيل لإسقاط مناورات ومؤامرات المتربصين بوحدة سوريا ومنعتها وعزتها ،وتحرير فلسطين وإعادتها عربية الوجه واليد واللسان، وهي الساحة المشتركة للوقوف امام كل الحاقدين الذي لعبوا و يلعبون دوراً قذراً في إفشال وتمزيق امتنا وزرع بذور الفتنة على امتداد الاراضي العربية وبعثرة الجهود الرامية إلى وحدة الصف وجمع الكلمة وإجهاض أية صيغة وحدوية أو تضامن عربي فعال، وهي السد المنيع في وجه المخططات والمطامع الخارجية للسيطرة على مقدرات اوطاننا العربية اقتصاديا وسياسيا وعسكرياً وثقافياً.
المطلوب من كل احرار العرب اليوم وقفة ضمير لمواصلة النهج العروبي في الساحة العربية. كثيرون يتطلعون اليوم للعروبيين كي يواصلوا نضالهم النهضوي، وكثيرون أيضاً يرون أن باستطاعت هؤلاء إعادة تصويب دفة الفكر القومي مجدداً بعد رفع منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي والاثني غير المسبوق الذي طال الامة العربية . على حساب ما هو قومي، وهي محاولات جليلة تمارس من قبل اعداء الامة والتي ستثبت الايام القادمة زيف ادعاءاتهم ووهن خطاباتهم وفشل مخططاتهم الملتوية.
فالعروبة هي الحل السياسي الشامل الوحيد التي تمتلك المقومات الواقعية والسياسية والوطنية والتي تجعلها قابلة للتحقق اكثر من اي وقت مضى، وإنقاذ الامة ، والوصول بها إلى بر النجاة لتعود كما كانت وستبقى قلب العروبة النابض.
وفي كل عصر من عصور تاريخنا العربي المعاصر الزاخر ،كان هناك دائماً من يرفع راية العز و الكرامة والحق وكان هناك من يقف في وجه الرياح العاتية التي تعصف بالأمة من كل جانب وخاصة أمام هذه المرحلة الحاسمة التي تتطلب وقوف الجميع أمام ما تمر به أمتنا العربية من ظروف عصيبة وتحديات لمواجهة الإرهاب الفتنوي بجميع أشكاله.
فمازالت أمام المناضلين العروبيين وأمام جماهير الأمة العربية أشواط طويلة من النضال الواعي والهادف تجاه ما يحدث ما يحاك من فتن ومؤامرت تستهدف فكر العروبة ، خاصة أن دور هؤلاء ، هو دور بارز وحاسم يتعزز باستمرار مع النبض العربي والدفاع عن وحدته ،الأمر الذي يتطلب شحذاً متواصلاً للهمم وتطويراً مستمراً للقدرات والإمكانات.