ودّع اللبنانيون عام 2015 وهو مكسو بلون الدم فلم تغب العمليات الإرهابية والتكفيرية عن أيامهم بشكل جعل الكآبة والسوداوية والدموع تغطي أرجاء المعمورة، بفقدان العديد من الأسر أبناءها كضحايا للإعمال الاجرامية المتنقلة في كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر وليبيا.
واذا كانت تعقيدات المشهد الاقليمي المستجدة، رفعت من منسوب الخطر على لبنان، بعد تجميد التسوية الرئاسية، وفي ضوء عجز القوى المعنية عن كبح جماح التدخلات الخارجية المؤججة للخلافات،
وفي ظل خيبة الرهان على الحوار السعودي – الايراني بعد ان ذهبت الرياض بعيدا من خلال جريمتها البشعة التي طالت سماحة الشيخ نمر النمر دون ان ننسى تورطها الدموي في المشهد السوري ، ما يعني اخراج التسوية الرئاسية من المشهد السياسي الراهن، وبانتظار فصل آخر من مسرحية الرئاسة العبثية المستحيلة.
وأكثر من القلق، هناك هاجس لبناني محكوم بالخوف من ربط الشغور الرئاسي في لبنان بوتد الحرب على الارهاب في سوريا ما يعني ترحيل الاستحقاق الرئاسي الى ما لا يعلمه غير الله، ومع ان تطمينات سفراء الدول الكبرى تستبعد، هذا الأمر ولا تنفيه، ، لكنها تقول بأولوية الاستقرار اللبناني، وعماده تركيب هيكلية السلطة الدستورية والمؤسسات، أي انتخاب رئيس للجمهورية، والاسراع باقرار قانون جديد للانتخابات وتشكيل حكومة جديدة .
لكن رغم كل ذلك، فإن مستجدات التورط السعودي في الحرب على اليمن، والاعدامات البشعة التي يرتكبها بحق رجال الدين والمواطنين في السعودية، ضاعفت من احتمال أن تكون الارتدادات المنتظرة في لبنان ، أبعد من تطيير جلسات الحوار النيابي أو الثنائي، وأبعد بالتأكيد، من تطيير جلسة الانتخاب الرئاسية المقررة في ١٦ الجاري، والتي هي بحكم التطيير اصلا ، وهذا ما عبّر عنه عدد من السفراء الاجانب المعتمدين في بيروت وتخوفهم من عودة الاغتيالات والتفجيرات الارهابية .
الخشية نفسها تنتاب جميع اللبنانيين الذين يدركون ما نحن قد نكون مقبلين عليه، وتخوفهم من تحويل لبنان الى خاصرة رخوة ومسرح لتصفية حسابات الآخرين، بعد توغل آل سعود في الفتنة فيما جاء رد السيد حسن نصرالله سريعا من خلال مطالبته العالم بالوقوف في وجه السعودية بإعلانه أنها دولة إرهابية بعد تنفيذ الرياض حكم الإعدام بحق العلامة نمر باقر النمر، في خطوة أثارت احتجاجات في أكثر من منطقة، وادت الى قطع الرياض العلاقات الدبلوماسية مع ايران.
ان تتبع المسار السياسي الذي سلكته السعودية خاصة خلال الشهور القريبة المنصرمة وتورط نظام ال سعود الغارق في دوامة من المشاكل والصراعات والأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وصولا الى ارتكاب الحماقة السياسية باعدام الشيخ النمر يكشف وبسهولة عن حقيقة مفادها وهي سعي النظام السعودي الى تعميم صيغة الفتنة والفوضى في المنطقة ؛ ولجوئه للحشد المذهبي على المستوى الداخلي او ما يعرف بتكتيك استهداف الهامش الاجتماعي من اجل لجم التناقضات داخل العائلة السعودية نفسها التي لم تعد خلافاتها وصراعاتها تخفى على احد، وضمان التفاف الشارع السعودي بشكل عام حول نظام حكم العائلة من خلال الترويج لفكرة الاستهداف المذهبي!
اذا كانت الرسالة سعودية بالدم وبالسيف وبقطع الرؤوس ، فالرد عليها يكون من خلال عدم الوقوع في الشرك الذي يحاول ال سعود نصبه والانجرار الى ردود الفعل المذهبية، فالمسار الذي اختطته الاحداث الجارية في المنطقة وفي العالم، وفي القلب منها صمود سوريا الاسطوري وما فرضه من حقائق صارمة على مستوى الجغرافيات السياسية، يؤكد ان النظام السعودي يجدف واهنا وواهما بعكس حركة التاريخ التي تتواصل فى حلقات متصلة وحركتة دائمة مستمرة ,دون عائق , وهي فى مسيرتها تجرف كل من يقف فى مسارها .فما بالنا بمن يريد ان يرجع بنا الى العصور الظلامية لا ,لاستلهام السير والعبر التى تطور الحركة وتحصنها ضد سلبيات الماضى واخفاقاتة , منطلقا الى الحركة التاريخية الآنية بكل تطورها ليحلق فى أفاق المستقبل ,وانما لتكون العودة الى الماضى هى اقصى طموحاتة ,من اجل انتهاز الفرصة وتحقيق مصالح مذهبية ضيقة تجافى صالح الامة العام , او انتقاما من ماضى، اراد ان يقفز على الانجازات العلمية التي تحققها شعوب المنطقة وفي طليعتها الملف النووي الايراني فضلا عن التطورات والاحداث الميدانية التي تشهدها عدد من الدول العربية على حساب الجماعات التكفيرية ، ويلحقها بالواقع الرجعى المتجذر فيه .