مسألة الإيمان بالقومية العربية، لا تحتاج الى كثير من الجدل لأنها حقيقة راسخة في وجدان كل عربي غيور على أمته، والبعض من ضعاف النفوس يعتبرون الأمر مجرد “خيال” بعيد كل البعد عن الواقع وخاصة في ظل التحديات الماثلة التي تهدد الأمة وشراسة الهجمة التي تتعرض لها.
ونقول: ما بين الحقيقة والخيال مسافة قصيرة وهامش لا يعرفه إلا أولئك الذين نذروا أنفسهم من أجل عزة الوطن والأمة، وفي تاريخ أمتنا المعاصر، رأينا كيف أن الأحلام تتحقق وهذه حقيقة راسخة، ودليلنا في ذلك حجم الهجمة التي تتعرض لها بلادنا وعلى كافة المستويات وهي تستهدف الإنسان العربي في حاضره ومستقبله.
وقبل عقود خلت، كانت البلاد العربية من أقصى شرقها الى أقصى غربها ترزخ تحت احتلال الدول الاستعمارية وسيطرتها، السافرة أو المقنعة بأقنعة الحماية والإنتداب، والوعي القومي في ذلك التاريخ، كان ضئيلاً جداً والمؤمنون بوحدة الأمة، كانوا فئة قليلة، فضلاً عن أن بعض الزمر كادت تفقد إيمانها في إمكانيات الأمة.
والأقطار العربية، كانت ومازالت تتخبط في بحر من المشاكل الاقتصادية والسياسية، وتتعرض الى ألوان من المناورات الاستعمارية والاستغلالية، ولن ننسى ما حل بنا من خسائر ومصائب في هذا المضمار.
واليوم تستهدف الأمة من خلال الحرب التي تشن عليها، بوسائل شتى، وبعد أن زُرع الكيان الصهيوني في المنطقة كمعول هدم وعائق لأي نهضة.
وندرك اليوم بأن المصائب والأحداث أشد هولاً وأعظم خطراً من كل مصائبنا الماضية، وهي تعرض مستقبلنا الى أشد الأخطار، ويبدو بأن عوامل التجزئة والتخلف والتبعية والإرتهان مازالت تفعل فعلها في جزء كبير في جغرافية عالمنا العربي وإلا لما هذه التعمية وحالة الضياع التي أصابت البعض ليضع كل إمكانياته وقدراته تحت تصرف أعداء الأمة عندما يتلاقى معها في الرؤى والأولويات، بحيث أصبح الإنقسام بديلاً للوحدة، وظهور الأضرار الى العيان بهذه الصورة المجسمة، وهذه الوقائع الماثلة من شأنها أن تقوي الوعي القومي، وأن ترسخ الإيمان بوحدة الأمة كطريق لإستعادة دورها ومكانتها، ولأن روح العروبة الحقة، ستقتحم كل العراقيل، وستنتصر في النهاية، إنتصاراً حاسماً في كل الميادين.
ونقول، بعد أن انتشرت المصائب والشرور في العالم العربي فلم يبقَ بين أيدي أبنائه شيء غير “الأمل”، الأمل بوحدة الأمة وبصحوتها وتلمس الرؤى التي تجمع قواها في مواجهة التحديات.
علينا التمسك بأهداب الأمل وهو من أثمن عوامل الأمل، ولا نترك مجالاً الى تسلل القنوط الى القلوب، ولا نكتفي بحفظ الأمل بل بتغذيته وتقويته الى أن يتحول الى إيمان لا يتزعزع يدفعنا الى العمل المتواصل، بروح التضحية والإخلاص، لذلك فالإيمان بوحدة الأمة ومستقبلها يجب أن يكون رائد كل منا، واللوحة اليوم أصبحت واضحة كل الوضوح وكذلك خياراتنا.
المقاومة هي روح الأمة وسلاحها الأجدى أنه وعد الصادقين الأوفياء في سبيل عزة الأمة وقضاياها.