يا دولة الرئيس سعد الحريري، سمعت خطابكم وجلبته مكتوباً من موقع تياركم للتمحص به، علّ ما سمعته من أخطاء وتناقضات كانت تهيئات لا تمت إلى حقيقة ما قلتموه بصلة، ولكن، وللأسف، إكتشفت أن ما قرأته هو بالتمام ما سمعته. وعليه، سأقوم بهدوء و”عقلانية” بتحليل كلامكم؛ أليست “العقلانية” ما طالبتم بها في خطابكم؟
كرّرتم مطالبتكم بالحياد عن الصراعات الإقليمية عامة والسورية والعراقية واليمنية خاصة من أجل لبنان، معتبرين أنه علينا الابتعاد عن التدخل في الشؤون الإقليمية التي من شأنها جرّ الويلات إلى لبنان. ولكن، يا دولة الرئيس، هذا يتعارض مع ما ذكرتموه في خطابكم الرمضاني أول من أمس، وإليكم هذه المقتطفات:
“شهر رمضان هو شهرٌ لله سبحانه وتعالى… ليس شهراً للمغضوب عليهم والضالين عن حقائق الدين الحنيف. ولا للذين يشنون الحروب ضد الشعب السوري…”، “ولكن الأصح أن النظام [السوري] يقف فوق صفيح من الدم والنار والدمار، وأن الاهتراء يعتريه من كل الجهات”، “وبالمناسبة، فقد كان فكري منشغل، ولكن ما سمعته منذ يومين عاد وأكد لي أن عاصفة الحزم، يا عزيزي، ما زالت شوكة في حلق المشروع الإيراني للهيمنة على المنطقة”، “كما أن طريق فلسطين لا تمر بالزبداني ودمشق. الطريق من بيروت إلى طهران، نعم تمر بسوريا وبالعراق أما الطريق إلى فلسطين، فبالتأكيد لا”، و”على كل حال، على أبوابنا وعند حدودنا، نظام يرتكب مع حزب الله، أبشع أنواع العنف والإرهاب بحق شعبه”.
إذن يا دولة الرئيس، فإن اعتبار النظام السوري “من المغضوب عليهم والضالين” وأنه “يقف فوق صفيح من الدم والنار والدمار، وأن الاهتراء يعتريه من كل الجهات”، أليس تدخلاً من قبلكم في الشأن السوري وتجييشاً سياسياً ضد النظام في سوريا؟ أمّا عن “طريق فلسطين التي لا تمر عبر الزبداني (العلوية كما تراها دولتكم) ودمشق (النظام) والعراق (الشيعية) وطهران (الشيعية)”، فلا تمر عبر هذه المدن إلاّ “الطريق بين بيروت إلى طهران”، أليس تصريحاً بموقفكم “الإقليمي” من هذا التحالف وطبيعته، وموقفاً مذهبياً واضحاً، ورسالة “خارجية” مذهبية إلى الخصم اللبناني، وتدخلاً في الشؤون السورية والعراقية والإيرانية؟ أما اعتباركم أن خصمكم اللبناني يتعاون مع “نظام إرهابي ومجرم”، أليس موقفاً “إقليمياً متحيزاً” مرتبطاً بالأزمة السورية؟ وقد ختمتموها دولتكم أن “فكركم المنشغل” قد ارتاح عندما اكتشفتم أن “عاصفة الحزم” ما زالت “شوكة في حلق المشروع الإيراني”، ألا يعتبر هذا التصريح تدخلاً فاضحاً في الشؤون اليمنية وتقييماً “مذهبياً” واضحاً من قبلكم؟ يا دولة الرئيس، أرجو منكم عندما ترتاحون بعد الفطور، وبانتظار السحور، أن تقرؤوا كل يوم صفحتين أو ثلاثة من تاريخ سويسرا أبّان الحرب العالمية الثانية لتعلموا كيف حافظت على “حيادها” حتى بوجه أفظع ارتكابات النازية الألمانية. إن الآخرين لا يدّعون الحياد، ولكن، يا دولة الرئيس، ومع فائق احترامي، على من يدّعي الحياد أن يعلم أصلاً معناه!
والآن نصل يا دولة الرئيس إلى النظام الديموقراطي الذي تشدّدون عليه، معتبرين أن الآخرين من خصومكم اللبنانيين هم من لا يريدون الديموقراطية. وعليه، إليكم مقتطفات من خطابكم تتعارض تعارضاً جذرياً مع أسس الديموقراطية وعلّة وجودها:
“أن نقيم سداً لحصر أضرار النيران التي تحيط بنا. هذا السد إسمه الاجماع الوطني أو الوحدة الوطنية”، “… واستبدال رايات الإجماع الوطني ضد الإرهاب برايات الفتنة والحروب المذهبية”، “ولم يصدر قرار واحد في الحكومة إلا بالتوافق بين الكتل، ومن ضمنها كتلة التيار الوطني الحر”، “هناك رأي غالب في الحكومة، وبين القوى السياسية”، و”كلام صادر عن الجهة المتخصصة بالتفرد والتهميش [حزب الله أو العونيين]، والتي تحمل الرقم القياسي بالخروج على الإجماع الوطني، منذ قيام دولة لبنان”.
وعليه، فتعريفكم للديموقراطية يا دولة الرئيس هو باتباع “الإجماع الوطني” و”رايات الإجماع الوطني” و”التوافق” بين الكتل السياسية. يا عزيزي يا دولة الرئيس، أعلم أنكم تتنقّلون بين الرياض وباريس، وأعلم أنه شهر رمضان الكريم، وفي هذا الشهر الفضيل أظن أنكم مستقرّون في الرياض بقرب القبلة الشريفة والحرمين الشريفين في أرض الرسول (صلعم). وعليه، أتفهم تأثركم بالنظام العشائري السعودي المبني على “الإجماع” و”رايات الإجماع” و”التوافق بين الأسرة الحاكمة”. ولكن، الديموقراطية هي نتيجة الاختلاف بالرأي في ظل مجتمع سياسي حر لا يعتمد على “التوافق” ولا على “الإجماع” ويرفع “رايات القرار الحر” والحق بالاختلاف، عوضاً عن “رايات الإجماع” والصوت الواحد واللغة الواحدة و”الحاكم الواحد”. إن الإجماع هو نقيض الديموقراطية، حيث أن أسس الديموقراطية مبنية على مبدأ الاختلاف بالرأي وحق الاختلاف بالرأي ضمن المجتمع السياسي-الوطني الواحد. وقد لفتني طرح الفكرة ونقيضها في نفس الفقرة يا دولة الرئيس، عندما تحججتم بما سميتموه دولتكم “رأي غالب في الحكومة”، حيث خرقتم بذلك صميم مبدأ “الإجماع الوطني” الذي تطالبون به ولجأتم إلى المقاربة الكلاسيكية في المبدأ الديموقراطي بالاستناد إلى الــ”رأي الغالب”، أي الأكثرية الديموقراطية! أي، تشدّدون على ضرورة الإجماع عندما يخدم مصالحكم السياسية، وتتنكّرون للإجماع وتعودون إلى مبدأ الأكثرية الديموقراطية عندما تخدم مصالحكم السياسية: “ما لنا، لنا؛ وما لهم، لنا ولهم”! فبالرغم من رفض حزب القوات اللبنانية المشاركة في الحكومة التي تم إنشاؤها على مبدأ “التوافق”، لم ينبري أحد من خصومكم وخصوم القوّات باتهامهم بالخروج عن “الإجماع الوطني”، معتبرين أن هذا حقهم الديموقراطي في اتخاذ المواقف التي تتماهى مع مبادئهم ومسيرتهم السياسية. فيا دولة الرئيس، بعد عيد الفطر السعيد وانتقالكم إلى باريس، أرجو أن تراقبوا الحراك السياسي الداخلي الفرنسي بدلاً من مراقبة الحراك السياسي الداخلي السعودي، عندها قد تفهمون “خطورة” مبدأ “الإجماع” على الحياة السياسية في المجتمعات الديموقراطية الحرّة، وخطورة اتباع “التوافق” على أصوات الناخبين عند اتخاذ القرارات الوطنية؛ حيث يُعتبر اللّجوء إلى التوافق هو “مصادرة” قرار الناخب الوطني… فلو كان الناخب “توافقياً” لما اختلف في تصويته، ولكان التصويت لصالح جهة واحدة!
ونصل إلى مواقفكم يا دولة الرئيس من الجيش اللبناني واتهامكم خصومكم بالعمل على إذكاء نار الفتنة بقرار إقليمي. وهنا، أودّ أن أشير إلى كيفية تناقض اتهاماتكم مع تصريحكم من خلال المقتطفات التالية المأخوذة من خطابكم الأخير:
“الجيش اللبناني يقوم بدوره على أكمل وجه، والتجارب من عرسال إلى طرابلس لا تحتاج إلى دليل، وتؤكد أن المواكبة الوطنية لمهمات الجيش في عرسال وطرابلس وعكار وصيدا والعديد من المناطق، هي الحد الفاصل بين حقيقة البيئة الحاضنة للدولة وأجهزتها وبين حملات التجني التي تروِج لوجود بيئات حاضنة للارهاب”، “هناك، أيها الأخوة والأخوات، نظرية غريبة عجيبة تدعو إلى قيام كيانات أمنية وعسكرية، رديفة للجيوش والقوى الرسمية في بلدان المنطقة، وذلك على صورة حزب الله في لبنان في موازاة الجيش اللبناني، والحشد الشعبي في العراق في موازاة الجيش العراقي، وقوات الدفاع الشعبي في سوريا في موازاة الجيش السوري، وأنصار الله في اليمن في موازاة الجيش اليمني، وهكذا دواليك من تجارب، على نموذج الحرس الثوري في إيران”، “وكانت التفجيرات في طرابلس ومؤامرة سماحة-المملوك ثم اغتيال الشيخ أحمد عبد الواحد في عكار واغتيال وسام الحسن ومحمد شطح في قلب بيروت”، “راهنوا أن نكون على صورتهم. لكنهم فشلوا في استدراجنا إلى هذه اللعبة، وأدركوا متأخرين أن الميلشيا ليست ملعبنا، لأن تيار رفيق الحريري يستحيل أن يشارك في ألعاب الدم بين الأخوة”، و”وآخر ما توصلوا إليه فيلم الاعتداء على المساجين في سجن رومية… أما أن يتحول خطأ إلى حملة على وزير الداخلية وقوى الأمن وشعبة المعلومات، فهذا غير مقبول”.
أما عن دور الجيش في صيدا وطرابلس وعكار وعرسال الذي “يقوم بدوره على أكمل وجه”، فهل نسيتم دولتكم المواقف المتشنجة من قبل نواب تيار المستقبل وهيئة العلماء المسلمين الذين كانوا من الموجودين على مقاعد إفطاراتكم يستمعون إلى خطابكم، بحق الجيش واتهامه بالتبعية “الفارسية” وارتهانه المذهبي و”تعدياته” على أهالي عرسال “الآمنين” وتحيّزه لأتباع النظام السوري في لبنان واضطهاده أتباع المعارضة السورية؟ وهل نسيتم دولتكم مؤتمر مجدليون المطالب بالتحقيق في “تعدّيات” الجيش على المواطنين الصيداويين بعد أحداث عبرا، والتشكيك بــ”تحقيقات” المحكمة العسكرية؟ وماذا عن مهرجان “كرامة العمامة” التي كان تياركم السياسي وقوى 14 آذار رأس حربته ممثلاً بأمين عام قوى 14 آذار الدكتور/ فارس سعيد، حيث قام المشاركين بالتشكيك بنوايا الجيش تجاه “أهل السنة” من العكّاريين؟ أليس “اغتيال” الشيخ أحمد عبد الواحد تم على يد الجيش اللبناني في حادث أمني؟ وتدّعون دولتكم الغيرة على الجيش اللبناني وتتهمونه جهاراً بعملية “إغتيال” الشيخ أحمد عبد الواحد؟ وهل نسينا وزير عدلكم الحالي، معالي اللواء أشرف ريفي ودعمه لما سماهم “أولادنا” من رؤساء محاور باب التبّانة وعناصرها؟ فإن كانوا “مأجورين ومرتزقة” كما تدّعون دولتكم، فماذا تسمّون إحتضان وزيركم ريفي لهم؟ أليست مواقف نواب تيار المستقبل أصحاب السعادة خالد الضاهر ومعين المرعبي ومحمد كبارة وبجانبهم جماعة هيئة العلماء المسلمين هم رأس حربة الدفاع عن المسلحين واعتبار النصرة من الجهاديين؟ أليست هذه المواقف ومثيلتها كاعتصام النائب الضاهر دفاعاً عن إلغاء مسمّى “طرابلس قلعة المسلمين” عن ساحة عبد الحميد كرامة وتهجّمه على المظاهر المسيحية في لبنان، تمثّل “بيئة حاضنة” للتطرف والإرهاب؟ فهل هؤلاء النواب “مأجورين ومرتزقة”؟ وماذا عن الذين تعدّوا على العمال العلويين اللبنانيين وأطلقوا الرصاص على أرجلهم، هل هؤلاء هم “المأجورين والمرتزقة”؟ وكيف تفسرون إنتحاريي مقهيي جبل محسن الطرابلسيين ورفض الجبل اتخاذ أي ردة فعل مشابهة لردود الفعل العديدة بحق أهل جبل محسن؟ هل “المأجور والمرتزق” هو الذي يسكت عن الجريمة ويثق بالأجهزة الأمنية والقوانين، أم الذي يستغل الجريمة ودماء الضحايا ليرتكب جريمة أكبر؟ أما ما خص ذكر دولتكم لــ”النظرية العجيبة الغريبة” المرتبطة بإنشاء “كيانات أمنية وعسكرية”، فقد أوقفتني تشبيهات دولتكم واتخاذكم دعوات البعض باعتماد التسليح الشعبي تحت سلطة الجيش اللبناني، بأنها دعوات “إلى قيام كيانات أمنية وعسكرية” مثل قوات الدفاع الوطني السوري (ذات الطابع غير السني) والحشد الشعبي العراقي (ذات الأغلبية الشيعية) وحزب الله (الشيعي)، وتشبيههم بقوات الحرس الثوري الإيراني (الشيعية). أولاً، أليس هذا تحريضاً مذهبياً مبطناً؟ وثانياً، وحيث أنكم تبرأتم من جبهة النصرة وتنظيم داعش، ورغم أن المعارضة السورية المتمثلة بغير هذين التيارين تدعو نفسها “الجبهة الإسلامية”، ولكننا سنتماهى مع دولتكم وندعوهم الجيش السوري الحر. مما يتألف هذا “الجيش السوري الحر”؟ أليس من قوى شعبية مسلحة؟ أم هو أسلوبكم المعتاد يا دولة الرئيس باعتماد مبدأ: ما لنا، لنا؛ وما لكم، لنا ولكم؟ أما ما أثار استغرابي، فهو استخدامكم لتعبير “في موازاة”. فهل قوات الدفاع الوطني السورية “في موازاة” الجيش العربي السوري أم “في مؤازرة” هذا الجيش؟ وهل قوات الحشد الشعبي “في موازاة” الجيش العراقي أم “في مؤازرة” هذا الجيش؟ وهل أنصار الله “في موازاة” الجيش اليمني أم “في مؤازرة” هذا الجيش بوجه اعتداءات “عاصفة الحزم”؟ وهل المقاومة الإسلامية في لبنان “في موازاة” الجيش اللبناني في جرود عرسال وعلى قمم البقاع بوجه الإرهابيين أم “في مؤازرة” هذا الجيش؟ وهل الحرس الثوري “في موازاة” الجيش الإيراني أم “في مؤازرة” هذا الجيش؟ وتقول دولتكم أن “المليشيا ليست ملعبنا”، إذن ماذا تفسر ما حصل من “اشتباكات” مؤخراً في السعديات بين “مسلحي” تيار المستقبل و”مسلحي” سرايا المقاومة؟ وماذا عن استنفارات قصقص “المسلحة” كرد فعل على ما حصل في السعديات؟ أليست هذه جميعها “ملاعب” ميليشياوية؟ أما ما خص “الحملات” المغرضة على وزير الداخلية وقوى الأمن الداخلي عامة وشعبة المعلومات على وجه الخصوص التي اعتبرتها دولتكم “غير مقبولة”، فقد كان رأس حربتها وزير عدلكم معالي اللواء أشرف ريفي مدعوماً من دولة الحاج فؤاد السنيورة، رئيس كتلتكم النيابية، ونواب تيار المستقبل ممثلين بمعالي الدكتور أحمد فتفت وأصحاب السعادة النواب خالد الضاهر وأحمد كبارة ومعين المرعبي، ناهيك عن المصلين في مساجد أهل السنة والجماعة في طرابلس بقيادة هيئة العلماء المسلمين. فهل جميع هؤلاء “مأجورين ومرتزقة”؟ أم أنهم عملاء لمشروع “الهيمنة الإيرانية” على المنطقة؟ بعد كل هذه الحقائق يا دولة الرئيس، من تظن يقف وراء مشروع الفتنة في لبنان؟!!!
أما موضوع رئاسة الجمهورية، فما صرّحتم به دولتكم في خطابكم الأخير يمثل نقيضاً لمواقفكم السياسية من هذا الموضوع. وإليكم مقتطف يلخّص ما قلتموه:
“نحن لم نغلق الباب على أي مخرج، ولم نجارِ الآخرين في لعبة الفيتو ضد أحد. حاولنا منذ البداية أن يكون التوافق الوطني هو القاعدة التي يتحقق من خلالها الوصول إلى رئيس جديد، بغض النظر عن الأسماء”.
بهذا الخصوص يا دولة الرئيس، وحيث أنني أنتمي إلى تيار سياسي خارج الندوة البرلمانية، سأحصر مقاربتي بالقوى السياسية الممثلة في مجلس النواب، وهو المجلس الذي ينتخب رئيس الجمهورية. أنتم يا دولة الرئيس من دخل الانتخابات الرئاسية بمرشّح تحدّي وليس الآخرين. وأنا لن أدخل في لعبة الأسماء ولست بموقع تقييم المرشحين، ولكن مرشحكم يا دولة الرئيس كان مقبولاً من تيار المستقبل وأحزاب القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار والهانشاك والمسيحيين المستقلين في قوى 14 آذار، ولكنه كان مرفوضاً من التيار الوطني الحر وتيار المردة وحزب الله وحركة أمل وأحزاب التقدمي الإشتراكي والطاشناك والديموقراطي اللبناني والسوري القومي الاجتماعي. فإذا اعتبرنا أن تياركم يمثل جميع السنة وثنائي حزب الله وحركة أمل جميع الشيعة، يكون مرشحكم مقبولاً من قبل جميع السنة ونصف المسيحيين ومرفوضاً من قبل جميع الشيعة ونصف المسيحيين وجميع الدروز وجميع العلمانيين… أليس هذا الترشيح مناقضاً لقاعدة “التوافق الوطني”؟ لا يا دولة الرئيس، لم تحاولوا “منذ البداية” على التوافق، فمرشحكم لم يكن بأي شكل من الأشكال “توافقياً”. ومن يدقّ باب التحدّي في بلد مثل لبنان، يأتيه الجواب بأكثر منه تحدّياً!
وفي الختام يا دولة الرئيس، مرّ على لبنان العديد من الشخصيات التي ما زلنا نقرأ عن مواقفها ومبادئها الإنسانية والسياسية والوطنية، حيث بعض هذه الشخصيات استشهد دفاعاً عنها. قد لا نوافق على بعض هذه المواقف والمبادئ وقد نوافق عليها، بينما ما نوافق عليه قد لا يوافق عليه الآخرين، والعكس صحيح. ولكننا لا نستطيع بأي شكل من الأشكال أن ننكر عليها فكرها ومبادئها، كميشال شيحا والزعيم أنطون سعادة والمعلم كمال جنبلاط والرئيس بشير جميل والشيخ بيار الجميل المؤسس والعميد ريمون إده والسيد موسى الصدر والسيد عباس الموسوي والعلّامة محمد حسين فضل الله والمناضل معروف سعد والناصري إبراهيم قليلات وغيرهم. ونعلم جميعنا أن والدكم الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد تبوأ منصب رئاسة الحكومة قبل أي انتخابات في عهد الرئيس الراحل إلياس الهراوي باتفاق سعودي-سوري بين الراحلين العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز والرئيس السوري الفريق حافظ الأسد. وكان خلال عهد الرئيس الهراوي الملك المتوّج على لبنان بدعم سوري كامل. حتى في عهد الرئيس إميل لحّود، ورغم بعض العراقيل، ظلّ لوالدك الشهيد حيثية لا يستهان بها في لبنان وسوريا والسعودية. من هذا المنطلق، وبسبب تكرار دولتكم بالإشارة إلى “نهج ورسالة رفيق الحريري”، سؤالي لدولتكم، مع فائق الاحترام، ما هو “نهج ورسالة رفيق الحريري”؟!
قلت كلمتي والسلام!
**