جملة من العوامل تتضافر فيما بينها وهي ستجدّد مصير الدور التركي في شرق أوسط حافل بالمتغيرات، والتساؤلات كثيرة، ما مصير النظام السياسي التركي، وهل أصبحت الفرصة سانحة للمعارضة التركية كي تقول كلمتها وتضع حداً للحالة الراهنة.
حقق أردوغان حلمه بالوصول الى كرسي الرئاسة، وهل سيتحقق حلمه الثاني بتغيير الدستور وتمديد ولايته مدى الحياة، وتصبح تركيا بذلك “دولة سلطانية” وعثمانية جديدة؟
الصراع على أشدّه بين أردوغان وكافة أطياف المعارضة التركية، والبعد الدولي حاضر في المشهد الإنتخابي (يوم السابع من حزيران 2015)، والإتحاد الأوروبي عبّر عن امتعاضه من التوجهات السلطوية الجديدة لحكومة أردوغان، وألقت ذكرى مذابح الأرمن بزخمها على الإستحقاق الإنتخابي.
وجملة من التحديات القديمة والجديدة تواجه أردوغان، وأهم المستجدات التي تشكّل كابوساً له، ترتبط بفشل “نظرية تصغير المشاكل”، والإقتصاد التركي يعاني، هناك ارتفاع في معدلات التضخم وهبوط حاد في قيمة الليرة التركية بفضل حالة عدم اليقين إزاء مردود التشريعات المقبلة على الإستقرار السياسي والاقتصادي في تركيا.
والإنتخابات تشهد حضوراً قوياً هذه المرة لـ “حزب الشعوب الديمقراطية” الكردي الذي أسس عام 2012، وهو يخوض العملية الإنتخابية مستقلاً ومستفيداً من النتائج الإيجابية التي حققها مرشحه (صلاح الدين ديمرطاش) في الإنتخابات الرئاسية في آب الماضي حين تمكّن من انتزاع ما يقارب 10 % من أصوات الناخبين.
وتجري الإنتخابات في ظل حالة حادة من الإستقطاب وصولاً الى العدوانية والتراشق الكلامي بين الأطراف المتنازعة، و”حزب العدالة والتنمية” الحاكم وما يتمتع به من ترسانة اقتصادية وإعلامية هائلة تستثمر كل مؤسسات الدولة التركية في أوج تأهبه، بالمقابل هناك معارضة لم توحّد صفوفها كما يجب.
لكن الرهان هذه المرة يتعلق بزيادة حظوظ “حزب الشعوب الديمقراطية” الذي نجح في استقطاب المزيد من الأصوات التركية اليسارية وبسبب علاقة “حزب العمال الكردستاني” الجيدة بالدولة السورية.
والرهان أيضاً على غرق الطموحات العثمانية الجديدة التي يمثلها أردوغان في أزمات المنطقة، والضربة الأشد ستكون عندما لا يتمكن “حزب العدالة والتنمية” من تحقيق نتائج في الإنتخابات تعادل “النصف زائداً واحداً”، عندها سترفض أغلبية الأحزاب التركية الدخول معه في إئتلاف حكومي، ولكل شروطه ومواقفه الجذرية، والأغلبية ضد تدخل أردوغان في الشأن السوري والمصري، وكل التوقعات تؤكّد، بأن “حزب العدالة والتنمية” في طريقه الى التصدع والإنحلال وبعد وصوله الى الذروة سيكون سقوطه مدوياً، وسيكون مصيره كمصير “حزب الوطن الأم” الذي بدأ عده العكسي ثم انحلاله بعد أن انتقل زعيمه تورغوت أوزال من رئاسة الحزب الى رئاسة الجمهورية عام 1989.