بدأ رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو يروّج لما أسماه “السلام الإقليمي” والى إمكان دفع هذا السلام المزعوم مع الدول العربية، وفي أقرب مناسبة سيتحدث عن ما سمي “مبادرة السلام العربية”، وهو يعتقد بأن هذا الموضوع سيحقق لكيانه جملة من الأهداف، مثل محاولة زرع الأوهام من جديد ومستفيداً من حالة خلط الأوراق في المنطقة والتلاقي مع دعوات “الحوار الإقليمي” التي تروّج لها أميركا وتلقى قبولاً من “عرب” أميركا، وليس صدفة ما قاله رئيس حكومة العدو في قاعدة اللطرون: “إن المصالح المشتركة لكيانه والدول العربية أمام إيران، تخلق فرصة لدفع تحالفات وربما تحقيق السلام”، وهنا نشير الى أن مصطلح السلام الإقليمي يأتي في سياق الأحداث والتطورات والحرائق الجارية في المنطقة ومنها استهداف اليمن.
إن الحديث عن الحوار الإقليمي ضمن الظروف السائدة يعني تشكيل تحالفات جديدة لتحقيق أهداف معينة، يجعل من تركيا شريكاً مباشراً في الحروب التي تستهدف مصالح العرب وقضاياهم وهي توطئة للتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني والتنصل نهائياً من القضية الفلسطينية كقضية أولى للعرب وتغيير الأولويات في المنطقة وحرف مسار الصراع في إتجاه آخر مغاير.
وفي ازدواجية المعايير السائدة والكلام النظري، يجري تسويق فكرة “الحوار الإقليمي على أنها هدف مهم، ولا ينبغي تسوية النزاعات في ساحات القتال المختلفة لأنه سيضر بمصالح المتخاصمين، والأفضل الوصول الى مرحلة يتم فيها احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل وتعزيز الإستقرار والبناء على المصالح المشتركة”، وذلك دون إشارة واحدة الى العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين منذ عقود وكأن الأمور أصبحت طبيعية في التبسيط المفترض.
واللافت هنا، أن التحالف “الدولي – العربي” لمحاربة إرهاب “داعش” وأمثالها، الذي أخذ على عاتقه تحقيق المهمة وبقيادة أميركا قد توقف ولم تعد تُنظم غارات جوية على الإرهابيين في شمال غربي العراق وشمال شرق سوريا، وهو تحالف رفضت تركيا المشاركة في عملياته والأسباب معروفة تماماً، وأقلها يتعلق بمنشأ “داعش” ومَن يدعمها وعدم جدية هذا التحالف منذ لحظته الأولى وكان يرمي الى تحقيق أهداف أخرى غير المعلنة وتمّ قطع الطريق عليها، وخرجوا علينا بتحالف “عربي” جديد تقوده السعودية وتشارك به تركيا بشكل ما وعلى مساحة الإقليم والعدوان الذي استهدف اليمن تحت مسمى “عاصفة الحزم” وبضوء أخضر من الجانب الأميركي المستفيد من الوقائع الجديدة بشكل مباشر وفي حساباته البعيدة.
وبالتزامن يسعى الكونغرس الأميركي الى تشريع قانون يمنح المساعدات المالية المباشرة الى بعض المكونات في العراق (مثل كردستان والقوى السنّيّة في العراق) بعيداً عن المركز في بغداد، وهذا يعني الإستمرار في المشروع التدميري والتقسيمي الذي يستهدف العراق لإضعافه وتحقيق مآرب تجعل منه نموذجاً لسائر دول المنطقة وهو يعني أيضاً تسعير النيران وإطالة أمدها والهيمنة على المنطقة بعد إضعافها وتقسيمها بشكل عملي.
وتستمر اللعبة الأميركية وأدواتها في المنطقة، من ناحية يتم تغذية الإرهاب وتقديم ما يلزم لإستثماره ومن ناحية أخرى الإدعاء بمحاربته، لذلك تمّ العدوان على اليمن وخلق صراعات جديدة كي تغطي على مخططاتهم الآثمة في المنطقة.
من هنا يدور الحديث عن اللاعبين الإقليميين وتقاطع المصالح اللحظية وعلى حساب دول قائمة لها ثوابتها الوطنية ورؤيتها الأشمل وهي ترفض وتقاوم جميع المخططات الهادفة للسيطرة على المنطقة.
لذلك يُعقد لقاء كامب ديفيد في واشنطن بعد أن تمّ دعوة أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وهو محطة تتقاطع فيها المصالح وتعقد الصفقات ويتخلله حديث عن التوازنات في المنطقة والأدوار والتأكيد على الرعاية الأميركية، وهناك سيقال بأن العمليات الجوية التي تستهدف اليمن لم تحقق أهدافها ولن تصنع نصراً على الأرض والعملية البرية ليس لها أفقاً؟ وهم سيبحثون عن لعبة جديدة مثل البحث “عن رمز يمني جديد في الداخل وسيتم التسويق للتوافق عليه يمينياً ثمّ يلبسونه عباءة الشرعية وعلى طريقتهم”، وفي هذا نقول، لقد ولّى والى غير رجعة ذاك الزمن لأن مصير اليمن والمنطقة بأسرها خرجت من عباءة العروبة المزيفة والشعب اليمني هو مَن سيقرر مصيره ويحقق سيادته.