حوار ديما صالح – مكتب دمشق
تواجه سوريا الحرب الكونية التي شنّت عليها منذ ما يقارب الخمس سنوات وصمدت وقاومت وتنتصر في مواجهة أعتى هجمة بربرية سُخّر لها من الإمكانيات ما يفوق إمكانيات دولة عظمى.
إن مقومات الإنتصار متوفرة في بلد عظيم مثل سوريا وهي التي حملت وزر قضايا أمتها وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية وهي قضيتها المركزية، ودفعت ضريبة الموقف بكل جدارة، فكانت محط أنظار العالم أجمع، وهي التي أصبحت نبراساً في مسارها وصمودها وإنتصارها.
هذه الحرب التي استهدفت سوريا ببعدها الحضاري والإنساني، وموقعها المقاوم لكل أشكال التبعية، واستهدفت فيها قرارها المستقل وسيادتها، حرب أرادت إسكات صوتها الحر واغتيال روحها المدنية والعلمانية لصالح مشروع عمره من عمر التعفن والتخلف الذي خلفه العثماني وراءه، وعاد أحفاده السلاجقة يعيدون الكرة مع جزّارهم المرتدي ثياباً عصرية تفوح منها رائحة الدم المؤتلفة مع خليج لا ينفك إعرابي ليس للحضارة فيه من سبيل.
إن أعظم بناء هو بناء الإنسان القادر والمؤمن بوطنه وعدالة قضيته وهو المسلّح بالوعي والإرادة والمدعوم بقدرات إقتصادية واجتماعية ورؤية سياسية، من هنا صمدت سوريا في معركة التحدي وبقيت شوكة في أعين الطامعين من المستعمرين والمستعربين من أدوات بني صهيون.
سوريا اليوم تتلمّس خطاها نحو آفاق جديدة رحبة وهي تفرض معادلاتها على الأرض وفي الميدان، وهي مركز الثقل ورأس الحربة في مواجهة الأعداء، وهي تكرّس نهجاً مقاوماً استطاع أن يغيّر التوازنات في المنطقة بفعل التضحيات التي قدّمت وأعطت المعنى الحقيقي لحرية الوطن والمواطن، وهي بذلك تصوب البوصلة وتعرف طريقها نحو النصر المؤزر، وهي أكثر يقيناً بأن حل الأزمة المثارة في ربوعها يأتي فقط من خلال الحوار فيما بين السوريين أنفسهم.
ولتسليط الضوء على مجريات الصمود البطولي لسوريا وجيشها وشعبها وقيادتها الحكيمة والشجاعة، وحول مستجدات الوضع وآفاق الصراع في المنطقة، كان لـ “منبر التوحيد” اللقاء التالي مع عضو القيادة القطرية في سوريا الدكتور خلف المفتاح، في حوار هنا نصه:
ما يقارب الخمس سنوات من عمر الأزمة السورية بالأصح من عمر الحرب التي شنت على سوريا من موقعكم كيف تقدرون الموقف السوري اليوم؟
اليوم الوضع العام في كل تفاصيل الأزمة يشير إلى الإقتراب أكثر من الإنتصار الإستراتيجي، فالدولة السورية بقيت قوية ومتماسكة مؤثرة في الحدث وهي الأقوى في الميدان العسكري والسياسي، وتبين أن ما تواجهه هو إرهاب منظم ومؤامرة دولية إقليمية تستهدفها كموقع وهوية عروبية مقاومة. ولذلك أصبح المناخ الدولي يتجه نحو إعادة النظر في الموقف من الأزمة بعدما تكشفت أبعادها الحقيقية.
التغيير الإعلامي تبعه تغيّر في المواقف السياسية الغربية أقله المعلنة تجاه سوريا، كيف تتعاطى سوريا مع هذا التغيير بالتصريحات التي توحي بإيجابيتها ولو الجزئية؟
التغير الإعلامي يشير إلى بداية تحول في المواقف السياسية والإعلام يساهم في خلق مناخ ورأي عام في الغرب يفسح في المجال لإستدارة في مواقف الدول العربية التي أدركت فشل مخططاتها في سوريا.
المواقف الغربية على الأرض هل تتسق مع التصريحات الإعلامية الإيجابية تجاه سوريا والنظام في سوريا؟
التصريحات الإعلامية توفر فرصة للساسة كي يتراجعوا في مواقفهم حتى لا يظهروا بمظهر الكاذب والفاشل في نظر الرأي العام في بلدانهم.
هل ترون من تزامن بين العدوان على اليمن وبين تطور العدوان على سوريا من ناحية الشمال والجنوب، هل هو استغلال لحظة أم ترتيب مسبق بين محور العدوان بقيادة أميركية؟
لا أرى أي علاقة بين ما جرى في اليمن وما حدث في سوريا من أعمال عسكرية. في سوريا حرب فيها كر وفر ونجاح وإخفاق في بعض الأماكن، ولكن بالمعنى الإستراتيجي الجيش العربي السوري هو الأقوى على الأرض وهو مَن يواجه الإرهاب ويدمر مرتزقته.
سوريا ليست اليمن، واليمن سيكون مهلكة ومحرقة للخليج واستنزافاً لطاقاته وابتزازاً له ونهباً لثرواته من خلال صفقات التسليح.
هل أتخذ قرار إسقاط الجنوب السوري من قبل النظام الأردني المؤتمر بأوامر إسرائيلية لصالح عرش الهاشمية الوهمي والوطن البديل؟
الجنوب السوري كما الشمال لن يسقطا هذه معارك في حرب، والأردن جغرافياً للإيجار ووكر مؤامرات على المنطقة منذ نشأته، وهو يقوم بدوره الوظيفي.
ما هي حظوظ محور المقاومة بكسب المواجهة المعلنة في أكثر من ساحة خاصة وأن قواعد اللعبة والإشتباك قد تغيّرت منذ عملية القنيطرة والغارات الإٍسرائيلية المتكررة على الأرض السورية؟
سوريا والمقاومة أسقطت كل قواعد الإشتباك، التي هي خطوط وهمية رسمها العدو الصهيوني في زمن قوته، اليوم نحن أمام واقع جديد وقواعد اشتباك جديدة يحددها محور المقاومة لا العدو الصهيوني.
السعودية أشعلت الخليج بعدوانها على اليمن، هل يصح القول إن السبب هو فقط الضغط على ملف الإتفاق النووي مع إيران رغم أنه شبه ناجز، أم أنه الفخ الأميركي للسعودية التي باتت عبئاً على كاهل واشنطن وهذا ما تتحدث عنه دوائر ومراكز القرار الأميركية؟
السعودية لا تتصرف أو تتخذ مواقف أو قرارات إلا بإيعاز وموافقة أميركية، واليمن هو الفخ الذي وقعوا فيه كما وقع العراق في فخ الكويت.
في السياسة كل شيء ممكن أردوغان الغازي لسوريا والداعم لحلف العدوان في اليمن وبعد هجوم شرس على طهران يقوم بزيارة رسمية ويلتقي بالرئيس روحاني، ما هو هدف الزيارة التركية إلى طهران الحليفة لسوريا واليمن، وهل من تأثير قد نشهده على الموقف التركي؟ أم هو الخوف على تركيا واقتصادها بعد الإنفتاح الغربي على إيران ورفع العقوبات عنها؟
أردوغان سياسي غير متوازن ومصاب بجنون العظمة، وأمام فشل مشروعه الإخواني نراه متوتراً ومنفعلاً لا يركن لتصرف، وهو يدرك أن إيران لها حضور في المنطقة، ولتركيا مصالح معها لا يستطيع تجاوزها وهو يحاول أن يوازن بين علاقته مع السعودية وإيران ليوجد مخارج لفشله في المستقبل.
هي حرب سياسية بأدوات مذهبية معلنة على الوطن العربي برمته يستخدم فيها المال الخليجي، هل لا زال من الممكن الحديث عن نظام عربي قومي وتيارات عربية قومية، أم أن وطناً عربياً جديداً يتكون، نتساءل ما هي ملامحه؟
المنطقة تشهد مواجهة بين مشروعين، مشروع أميركي – صهيوني له توابع إقليمية، ومشروع عروبي مقاوم ووطني، المسألة سياسية والدين هو غطاء وستار لها.
في ظل هذه الأجواء الملتهبة، هل يمكن الحديث عن حوار وإلى أي درجة يمكن التعويل عليه في تغيير المشهد السوري الداخلي؟
الحوار هو خيارنا الإستراتيجي في الداخل والحرب على الإرهاب هي خيارنا، ولا حل سياسي إلا الذي حدده سيادة الرئيس بشار الأسد في 6/1/2013، ففيه رؤية وطنية للحل وخريطة طريق.