مرة جديدة صدق الوعد وتوقعات السيد حسن نصرالله عن هزيمة “عاصفة الحزم” في اليمن اصبحت حقيقة نتيجة الصمود التاريخي للشعب اليمني والذي تكرّس من خلال مقاومته و مواجهته للعدوان الخليجي على ارضه السعيدة والذي بلغ حد الوحشية ليحصد بعد 27 يوما من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي مئات الشهداء والجرحى فضلا عن الاعمال التدميرية والتخريبية التي الحقتها آلة العدوان الهمجية.
ما اسموه “عاصفة الحزم” سرعان ما تحوّل الى هزيمة نكراء اطلق عليها اصحابها المترنحين بخيبتهم لقب “اعادة الامل” وهي تسمية تحمل في مضامينها معالم الخيبة عند المعتدين في مقابل صلابة وشجاعة وايمان وقدرة “الحوثيين” على مواجهة نيران عربية تمادت كثيرا في عمليات الاجرام والعدوان وسفك دماء الابرياء ولكن من دون ان تنجح في تحقيق مراميها في كسر ارادة شعب ورغبته بالعيش الكريم والاعتراف بحقوقه بعيدا عن كل اشكال الاقصاء والتهميش والهيمنة.
واذا انتقلنا الى ميزان الربح والخسارة نسأل ما الذي حققه المعتدون من خلال الاهداف التي اعلنوا عنها في عملية “عاصفة الحزم ” والتي جاءت على الشكل التالي:
.1 الحفاظ على “الشرعية” وإعادة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى سدة الحكم.
2. تسليم الحوثيون لسلاحهم.
3. انسحاب الحوثيين من المحافظات والمدن والمديريات التي “سيطروا” عليها.
4. منع وصول الحوثيين لباب المندب.
حتما لا شيء، فما زال هادي هارباً في أحضان امراء المملكة العربية السعودية , وما زال الحوثيون في وطنهم اليمن, وإذا كان الهدف هو ضرب القاعدة الشعبية لأنصار الله,فقد ازدادت شعبية هؤلاء وأنضم اليهم عدة قبائل يمنية كانت في الأمس القريب موالية للنظام السعودي واعوانه في اليمن. غير ان العدوان على اليمن نجح بالتأكيد في حصد اكثر من 3000 شهيد يمني معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء, وآلاف الجرحى, ودمار هائل الحقته آلة العدوان بالبنية التحتية لدولة اليمن التي وضعتها دول خليجية على ابواب حرب مفتوحة في ظل استمرار هذه الدول على دعم الجماعات التكفيرية المسلحة ك”داعش” و”النصرة” وجماعة “الاخوان المسلمين” في سوريا والعراق ومصر اعتقادا منها بأن ذلك سيمكنها من إحراز تقدم يسمح بتحسين موقعها في المفاوضات المتوقعه خلال الأشهر القادمة!
اذا انتهجنا أسلوب الواقعية السياسية في التفكير لوجدنا ان الاعلان السعودي بوقف الحملة العسكرية على اليمن سيشكل مدخلا لحل الازمة في اليمن وبداية البحث عن حل وسط لإعادة التوازن إلى ميزان القوى، والحد قدر الامكان من هزيمة الرياض في الحرب بعد ان فقدت السعودية بالفعل التحكم في “اللعبة” باليمن.
وبالعودة الى القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي حول اليمن نرى بأنه قد فتح الباب واسعا أمام “الاشاوس” الخليجيين للدخول في مفاوضات مع الحوثيين والجيش الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح. وسيكون هناك حتمًا تقاسم للسلطة بين مختلف الفصائل المتحاربة، ولكن نصيب الأسد سيكون لمصلحة الحوثيين ، اذ ليس امام الاميركيين من سبيل سوى الدفع في اتجاه التفاوض، لأن استمرارالازمة اليمنية من شأنه أن يعزز من مكانة وقدرات تنظيم “القاعدة” .
ولكن هل تؤدي هذه التسوية إلى مفاوضات شاملة بين السعودية وإيران، وخاصة في الملف السوري ؟وهل تعجّل هذه التسوية في انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بعد شغور سدة الرئاسة لاشهر طويلة؟ هذا ما ستكشفه الايام القادمة .