الفرق مختلف جذرياً، بين ما أراده أصحاب المشروع الأميركي المسمى “الشرق الأوسط الجديد” وبين ما أرست عليه نتائج الصراع، هذا ما حاولوا تسويقه في المنطقة مرة بالحديد والنار وتارة بالوعيد وعواقب الأمور وتارة أخرى من خلال حرب كونية استهدفت سوريا ومعها كافة أركان محور المقاومة في أمتنا.
أهداف المشروع كانت تبغي تحقيق جملة من الأهداف، تأمين أمن الكيان الصهيوني ومن ثمّ تصفية القضية الفلسطينية من خلال عملية مبرمجة بدأت بمفاوضات برعاية أميركية وكان هدفها إضاعة الوقت والسماح لكيان العدو بترسيخ احتلاله للأرض وتهويدها، ومن ثمّ إسقاط الأنظمة والدول التي تطالب بتحرير فلسطين، القضية المركزية للأمة، والسيطرة نهائياً على المنطقة وجعلها مناطق نفوذ استعماري بعد إعادة تقسيمها من جديد.
العقبات أمام تحقيق مثل هذا المشروع هي المقاومة، سوريا ومعها إيران و”حزب الله” وكافة المقاومين في أمتنا، وبالتالي سقط المشروع لكن الصراع مستمر بطرق وأدوات شتى.
وجه الشرق الأوسط اليوم، بدأت ملامحه تتضح ولكنه يختلف عما أرادوه من خلال حرب التدمير والتفتيت، إنتصر محور المقاومة في أمتنا، والمنطقة على أبواب تغييرات إستراتيجية كبرى فرضها صمود المقاومة وقدرتها على التصدي للعدوان، وتتدحرج الأحجار والأوهام تنكشف على صورة المشهد مع اقتراب العد التنازلي واقتراب إيران من تحقيق إنجاز تاريخي هام بإنتزاع حقها النووي وتوقيع الدول 5+1 ومعها الولايات المتحدة على إتفاق في جوهره الكثير من المضامين الإيجابية التي ستنعكس على كافة الملفات في المنطقة.
وانتصار إيران يعني إنتصار سوريا ولبنان وفلسطين وكافة قضايا أبناء الأمة، ورغم استمرار الصراع في المنطقة، إلا أن الآفاق أصبحت رحبة والرؤية واضحة، بينما يضيق على الخاسرين الذين باتوا على مفترق طرق، إما القبول بالوقائع الجديدة وما أنتجته وإما الإنتظار على قارعة الطريق وانتظار أفدح الخسائر وحصد الأشواك التي زرعوها في قلب أمتنا.
اليوم يعترف وزير الخارجية الأميركي جون كيري بدون مواربة بأن مشروعه فشل والحل في سوريا هو حل سياسي والتفاوض مع الرئيس بشار الأسد أصبح مطلباً عالمياً، أي أن سوريا ومعها محور المقاومة أصبحت رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، فهي أرست معادلات جديدة وأثّرت في التوازن الدولي بغير ما يشتهي أعداء الأمة.
وجه الشرق الأوسط اليوم، أصبح ملوناً برايات الإنتصار التي كرّست نهجاً مقاوماً في مواجهة الإمبريالية وأدواتها في المنطقة، إيران ومعها محور المقاومة بكافة أطرافه أصبحت ركناً أساسياً وطرفاً إقليمياً وازناً في ساحات الوغى كما في الدبلوماسية والدفاع عن حقوق الأمة.
لم تفلح مناورات نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي بعد أن تجاوزته المعادلات الجديدة ولم تفلح رسائل النواب الأميركيين من الجمهوريين لإيران بهدف إخافتها ومنعها من قطف ثمار إنتصارها الميداني والسياسي والأخلاقي.
اليوم تنتزع إيران حقها النووي وبقوة وتفرض حضورها، كسرت الحصار المفروض عليها إقتصادياً، وهي تعلن عن إنجازات جديدة ويتأكّد حضورها ودورها وتترسخ التغييرات الإيجابية، وهذا من شأنه أن يوسع المدى الحيوي لمحور المقاومة ويضع حداً للتدخلات الأميركية والغربية عموماً في المنطقة ويساهم في صياغة التوازنات الجديدة في المنطقة.
وإنتصار محور المقاومة لم يعد محل جدل، العالم بأسره يتطلّع الى تحقيق الإستقرار في المنطقة والقضاء على الإرهاب الذي أنتجته الحروب الأميركية والذي بات يهدّد صانعيه والعالم أجمع، وبالتأكيد فإن الإتفاق الإيراني مع دول 5+1 سيساهم في إعادة تشكيل الأوضاع في المنطقة والحفاظ على الإستقرار ولكن بما يحفظ حقوقنا وسيساهم في انتزاعها.