المستجدات تأتي تباعاً في ساحة الميدان، والجيش العربي السوري يحقق الإنجازات الميدانية وبغير ما يشتهي أعداء سوريا، وأثبتت التطورات بأن سوريا أكثر من رقم صعب لا يمكن تجاوزه، واستقطبت اهتمام العالم أجمع، صمدت وقاومت وانتصرت أمام أعتى هجمة كونية مركبة ومتعددة الأهداف، جمعت الدول الاستعمارية كل أدوات الحقد والإجرام والتكفير، وسخّرت إمكانيات دول حاقدة راهنت على انتصار سريع لعلها من خلاله تثبت وجودها على خارطة العالم.
لكن حسابات الأعداء اصطدمت بواقع ميداني نسف جميع تلك الحسابات والرهانات، والسبب في ذلك هو طبيعة المواجهة التي تدور بين طرفين مختلفين جذرياً ولا مجال للتقاطع بينهما أو التوصل الى حلول افتراضية، وبالتالي فإن حسم الصراع هو الحل الأمثل.
إستطاعت سوريا بجيشها وشعبها وقيادتها الحكيمة، أن تواجه العدوان وبطريقة فاقت كل توقعات المراقبين ومراكز الأبحاث، ووقف الى جانب سوريا حلفاء أوفياء وهذا بحد ذاته مؤشر هام لمدى صوابية الرؤية الاستراتيجية التي بنيت عليها القدرات السورية في المجالين السياسي والعسكري، وأصبح انتصار سوريا مؤشراً لمعادلة جديدة فرضت إيقاعها على أرض الواقع ، وهذا من شأنه أن يؤثر في التوازنات الدولية، والمعادلات الإقليمية، ويشير الى فشل العدوان وأدواته.
ووصلت الإنجازات التي حققها أبطال الجيش العربي السوري ولجان الدفاع الوطني الى نقطة انعطاف حاسمة، توقف العالم عندها عندما تحول الإرهاب الى سيف مسلّط على صانعيه ومَن حاول تسويقه يدفع الثمن مرتين.
دخلت روسيا، الدولة الصديقة على خط النتائج والتقطت اللحظة الراهنة بكل ما تعنيه وكسبت الرهان وهي تملك بعض الأوراق وأهمها فائدة هي ورقة صمود سوريا وانتصارها، وسكتت واشنطن وتلطت بتحالف دولي – “عربي” وهدفها حماية مصالحها بعد أن بدأ الإرهاب يضرب في كل مكان، وانكشفت اللعبة بكل أبعادها.
سوريا اليوم هي صاحبة القرار والفعل في الميدان والقادرة على حسم الصراع وهي تملك الإمكانيات والمقدرات والحلفاء الأوفياء، وهي جزء من محور مقاوم في أمتنا، أثبت أنه قادر على تحقيق الإنتصارات، وهذا يعني أن الذهاب الى الحوار “السوري – السوري يأتي بعد أن اتضحت الحقائق وتعززت قوة سوريا وصلابتها، وخيارها ومسارها واضح، أن أي حل يجب أن يحقق مصالح الشعب السوري ولا يسمح للعدوان من النيل من هيبة سوريا ودورها الإقليمي وإلتزاماتها الوطنية والقومية.
وفي التساؤلات، أين أصبحت الأزمة السورية؟ الحوار السوري – السوري؟ وغيرها ومن الأمور كانت محور لقائنا مع عضو مجلس الشعب السوري الدكتور عمار الأسد، في حوار هنا نصه:
بداية نسأل عن الروح المعنوية العالية لدى الشعب السوري الصامد رغم شدة الهجمة ومازال اليقين بحتمية النصر على الأعداء هو خيارنا الأوحد، ما هي الأسس الراسخة التي سمحت لسوريا بتحقيق هذا الصمود وصولاً الى الإنتصار؟
إن المواطن السوري الشريف الذي تربى على عشق هذه الأرض وشرب حبها في كل قطرة ماء ارتشفها والذي أدرك منذ اللحظة الأولى خطورة وهول هذه المؤامرة، فلم يتوان لحظة عن بذل أغلى ما لديه دفاعاً عن وطنه والجيش العربي السوري البطل أذهل العالم بمدى صموده وبقرارات قيادته وقدرتها على قراءة المواقف السياسية والرد بطريقة جعلت الكثيرين يتفاجأون وكذلك التفاف الشعب حولها وإيمانهم المطلق بها وبقراراتها، وكذلك الأصدقاء الذين وقفوا بصدق وقدموا كل الدعم والمساندة.
وإذا عدنا الى التاريخ القريب، وحاولنا سبر مكنوناته، وهي مازالت ملموسة حتى الآن وتمّ ترجمتها على أرض الواقع وفي الميدان، يمتلك الجيش العربي السوري عقيدة قتالية راسخة ومجربة وقدم التضحيات صوناً لكرامة الإنسان الذي هو أصل كل بناء، ومن هنا تأتي عظمة سوريا وقوتها.
سوريا تمتلك دوراً فاعلاً في معادلات المنطقة
بعد أربع سنوات من المواجهة الباسلة، استطاعت سوريا أن تفرض أجندتها وتصوّب بوصلة الآخرين عن حقيقة ما يجري، وأظهرت حجم المؤامرة والاستهداف ممن هم أعداء سوريا؟ ماذا تقولون في ذلك؟
سوريا لولا ثباتها المطلق على مواقفها، والسمة التي طبعت السياسة السورية منذ اللحظة الأولى هي الموقف الثابت والحق الذي لا حياد عنه وبهذين السمتين أدرك المجتمع الدولي الوضع وتغيير الكثير من المواقف جاء بفضل صمود سوريا وقوتها، والحق لا يدركه إلا مطالب قوي ونحن ملكنا هذه القوة لندافع عن حقنا.
وقوة سوريا أيضاً تأتي من مناعتها وهذا لم يدركه الأعداء، وهي استطاعت أن تمتلك دوراً فاعلاً في معادلات المنطقة، ومفهوم القوة لا يقاس بإمتلاك الثروات ولكن في كيفية استخدامها وتكريسها لخدمة الأوطان، وفي أي خانة يصب. وسوريا في هذا المجال تعتبر الأغنى وهي الدولة التي لا مديونية عليها وهذا من شأنه أن يعزز قوتها واستقلالها وانتصارها في مواجهة التحديات.
والجيش العربي السوري ولجان الدفاع الوطني هم أبناء هذا الوطن وهم مَن يملكون قوة العقيدة والإيمان المطلق بحقهم في الدفاع عن أرضهم، وصمودهم البطولي ما هو إلا التعبير الطبيعي عن قوة الإرادة والتصميم في قلب كل فرد منهم.
والقيادة كانت تعي تماماً حجم الاستهداف وخيوط المؤامرة وفصولها، وتصرفت بحكمة بالغة وخطط مدروسة بعناية، وكانت تعرف بأن المعركة ستطول، واعتقد الأعداء أن استنزاف سوريا سيحقق أهدافهم على المدى الطويل، لكن ما حصل هو العكس، سوريا قاومت برؤية واضحة وهذا أحد مصادر قوتها.
في واقع الأمر تتعرض سوريا الى هجمة استعمارية ومؤامرة كونية وشركاء يدّعون “العروبة”، ما هي الأهداف من وراء هذه الحرب التي شُنّت ضد سوريا؟
الهدف كان واضحاً ضرب سوريا، يعني ضرب المقاومة ومحورها وخلخلة المنطقة باعتبار سوريا الداعم الأساسي للمقاومة في المنطقة والدفاع عن الحق وقضايا الأمة العربية.
وأيضاً العدوان على سوريا هو حلقة من مشروع استعماري، إعتقد أصحابه بأن الفرصة سانحة على ضوء الأحداث التي عصفت بالمنطقة، وأرادوا تصفية حساباتهم مع سوريا لأنها دولة ممانعة ومقاومة ، وبالتالي المهيمنة على المنطقة.
محور المقاومة جبهة واحدة متكاملة
أثبت محور المقاومة، أنه رقم صعب أثبت قدراته وجدواه وترجم خططه في الصمود والمقاومة الى أفعال، فكانت مثار إعجاب كل الشرفاء في أمتنا وأحرار العالم، ما هي الأسس التي بُني عليها محور المقاومة؟
الأسس التي بني عليها محور المقاومة هي الأسس والمفاهيم التي زرعت في فكر وعقيدة كل مواطن شريف وهي التشبث بالأرض والدفاع عنها والإيمان بعودة الحقوق الضائعة إلى أصحابها واستنصار الضعيف حتى يحصل على حقه أينما كان في هذا العالم.
وظهر مدى قوة وصلابة محور المقاومة من خلال تطور الأحداث والوقائع الميدانية، وتأكّد بأن محور المقاومة هو جبهة واحدة متكاملة وتعززت قدراته وهو يقوم بواجباته في حماية الأرض والشعب وانتزاع الحقوق وصون كرامة الإنسان.
وإستهداف سوريا يعني استهداف قضايا الأمة، وقضية الإنسان العربي الذي يعيش بحرية وكرامة، وحرية الوطن والمواطن لا يمكن فصلهما، وبالتأكيد فإن الحرب الرعناء التي شُنّت ضد سوريا ستؤثّر على قضايا أمتنا ومنها القضية الفلسطينية.
وهدف الأعداء هو استهداف المواقف السورية المدافعة عن قضايا الأمة بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ورغم هول الأزمة مازلنا نؤكد ونساند وندعم إخوتنا في فلسطين وكل حر شريف في الوطن العربي.
وأيضاً استهداف سوريا هو استهداف للدول التي وقفت الى جانب سوريا من الأصدقاء والحلفاء، وفي مقدمتها إيران وروسيا والصين، والقضايا في العالم متصلة وتتأثر ببعضها البعض، وهذا يعني أن سوريا وانتصارها بوابة لعالم جديد لإرساء معادلات وتوازنات جديدة.
كيف ترون أوضاع العالم العربي في ظل الأحداث والأزمات التي عصفت بالمنطقة، وكيف استوعب المواطن العربي تداعياتها؟
أوهموا الشعب في العالم العربي بربيع عربي رسموه فتحوّل المشهد إلى دمار عربي وتشتت وانهيار، هناك الكثير من المواطنين العرب أدركوا ويدركون حتى الآن خطورة هذه المؤامرة وبدأوا العمل على إعادة حساباتهم طبعا لا يمكن إهمال دور التضليل الإعلامي بتأثيره السلبي الذي شوه الحقائق، لذلك أؤكد على أهمية الأعلام بنقل الحقيقة وتوضيح الحقائق. وفي النتائج خسر العالم العربي مادياً واقتصادياً واجتماعياً، والخاسر الأكبر المواطن العربي ودوره الإنساني والحضاري، وهي عملية مبرمجة، دفع العالم العربي أثمانها، وتداعياتها ذلك ستكون كبيرة بالتأكيد.
ما هي الأسس التي سيبنى عليها أي حل قادم للأزمة السورية الناجمة عن تداعيات الهجمة والمؤامرة ضد سوريا؟
الحوار البناء والمصالحات الوطنية، فالأسس لا يضعها إلا السوريين أنفسهم فهم قادرون على حل الأزمة والوقوف ضد هذه المؤامرة.
وبداية الحل هو في تحقيق حوار “سوري – سوري”، والأولوية فيه حماية الوطن ووضع جميع الإمكانيات المتاحة لمحاربة الإرهاب.
والحل أيضاً يجب أن يكون دون أي تدخل خارجي أو فرض أجندة خارجية و يعتمد على الحوار بين السوريين أنفسهم ونجاح هذا الحل متوقف على كل من يؤمن بوحدة سوريا واستقلال قرارها الوطني كطريق لإنهاء الأزمة.
وسيكون دور روسيا كشريك في أن تساعد وترعى مبادرات الحوار.
ما الذي يتعيّن علينا أن نتوقّعه ميدانياً، غير الحراك السياسي والدبلوماسي الكثيف، والمتعدد المسارات؟
بالطبع التحرك العسكري وانتصارات الجيش العربي السوري على الأرض هو الأساس في توجيه الحراك السياسي والدبلوماسي، فالقوة على الأرض هي القادرة على تغيير المواقف والقرارات.
والمطلوب تعزيز قدراتنا العسكرية باستمرار ودعم جيشنا بكل مستلزمات القوة، فهو الوحيد القادر على حماية الوطن والمواطنين ودحر الأعداء وأدواتهم.
هل هناك استراتيجية متكاملة شاملة للتعامل مع قضية اللاجئين السوريين في الخارج؟
الوطن للجميع واللاجئين السوريين هم أبناء هذا الوطن العديد منهم خرج خوفاً أو ترهيباً وهم مرحب بهم وبكل مَن يود العودة الى أحضان الوطن والكثير اليوم يعودون ويتم تسوية أوضاعهم.
السوريون قادرون على حل أزمتهم بالحوار
واشنطن تشدّد على ضرورة مشاركة الرئيس الأسد في مفاوضات حل الأزمة السورية، لماذا هذا التبدل في مواقف الولايات المتحدة، هل بسبب استيعابها لمدى خطورة تمدّد الإرهاب التكفيري في الغرب، مستندة في خوفها على ما حصل من أعمال إرهابية في فرنسا؟
الرئيس الأسد وبعد أربع سنوات من الأزمة قدم للعالم مثالاً عن الرئيس الذي أحبه شعبه وآمن به إيماناً مطلقاً وترجم هذا الحب في الإستحقاق الرئاسي والسياسة التي انتهجها في تأكيده على خطورة الإرهاب والفكر التكفيري، وقد فاجأ ذلك الكثير من المراهنين والخاسرين واليوم موقف واشنطن الجديد ما هو إلا اعتراف بفكر ومواقف الرئيس بشار الأسد والتخوف من مد الفكر التكفيري الإرهابي الذي لا يمكن ضبطه.
وواشنطن لها حساباتها وهي بدأت تخاف على مصالها، بعد أن تمدّد الإرهاب الى مناطق أخرى من العالم، وبالتالي لا يمكن قيادة العالم الى المجهول.
“حل الأزمة في سوريا لا يكون إلا حلاً سياسياً”، حل سياسي بين مَن ومَن؟ هل هو بين السوريين أنفسهم؟ وما هي أطراف المعارضة المقبولة للتحاور معها؟
طبعاً الحل سيكون سوري – سوري بامتياز دون تدخل خارجي، وكما قلت سابقاً هو حوار بين كل من يؤمن بوحدة سوريا واستقلال قرارها الوطني، وهذا ما أكّدته الحكومة منذ بداية الأزمة وعملت جاهدة لتطبيقه، فالإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والمعارضة الوطنية البناءة التي تؤمن باستقلال سوريا مرحب بها على طاولة الحوار وصولاً إلى الحل.
وهدف الحل السياسي وخطه الأساسي هو المصالحات الوطنية وضرورة إنهاء الإرهاب وتعزيز سيادة الدولة على كل أراضيها.
ونحن نسير قدماً في المصالحات الوطنية، وقد انتشرت في كل أنحاء الوطن لأن مَن حمل السلاح من أبناء الشعب السوري أدرك الآن أهمية المصالحة كحل سوري للأزمة والعودة الى حضن الوطن، ولإعادة إعمار سوريا لا بد من تكاتف الأيدي رغم اختلاف الآراء، فمصلحة الوطن فوق كل المصالح.
ماذا تقول للمواطن السوري الذي عانى من وطأة الأزمة، وللمواطن العربي الذي تألّم وأحبِط من هذا الواقع المرير؟ وماذا يمكن أن يفعل من خلال دوره الحالي واللاحق؟
أقول له المسؤولية كبيرة، ولكن إيماني المطلق بأن كل مواطن شريف على امتداد هذا الوطن قادر على تحملها، جميعنا تألم وعانى ولكن دائماً الفرح يخلق بقوة الإرادة من قلب المعاناة.
حوار: شيرين سيدو
مكتب دمشق