حقّق محور المقاومة إنتصارات ميدانية لافتة بالتوازي مع المفاوضات النووية الإيرانية مع دول 5+1 ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، وتفاوض إيران من مركز فوة أساسه امتلاك رؤية واضحة وقراءة ميدانية لواقع التطورات في المنطقة والعالم.
وفي التحولات السياسية الجارية في أكثر من مكان في عالمنا العربي، حققت إيران إنجازاً هاماً وخاصة في اليمن، وتبني حساباتها الإستراتيجية بطريقة منسجمة مع الوقائع وهي تعي كافة المخاطر والتحديات المائلة، وفي وقت أصبح فيه اليمن ساحة للتنافس الإقليمي والدولي، وتأثير ما يجري على أرضه على بقية الملفات في المنطقة.
تمكّن اليمنيون من وضع حد للتدخلات الخارجية التي حاولت إلحاق اليمن بالدول الإقليمية التي تدور في الفلك الأميركي، واستطاعوا السيطرة على “باب المندب”، وهم يحاربون الإرهاب، ولا يخفى على أحد دور إيران الداعم لإستقلال اليمن وتقديمه كل ما يلزم للخروج من الحالة التي نتجت عن إفرازات ما سمي بالربيع العربي.
إنتصار اليمن يعني إنتصار لإيران ولمحور المقاومة بكافة مكوناته، وبهذا تعزّز إيران مكانتها كقوة إقليمية مهمة في الشرق الأوسط وهي تتواجد وعبر الحلفاء، على أهم الطرق البحرية التي تنقل النفط عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر، وتبرز أهمية إيران كلاعب إقليمي وخاصة في ما يتعلق بالإقتصاد العالمي، وما بين تداعيات الميدان والتحولات السياسية الجارية وربطاً بما يحصل على الساحة الدولية، تستمر إيران في مفاوضاتها النووية مع دول 5+1 وهي تتعامل بحذر ويقظة تامة في هذا الوقت الدقيق والحساس خشية من التأثيرات السلبية وفي أوج قوتها ومفاوضاتها.
وفي المؤشرات، مازالت واشنطن تؤكّد إلتزامها التوقيع على إتفاق الإطار مع إيران قبل نهاية آذار المقبل، والثابت أيضاً، أن واشنطن وافقت على أن تحتفظ إيران بالجزء الأكبر من أجهزة الطرد المركزي الموجود لديها، ومن شأن هذا أن يعزز المكاسب التي تنتزعها إيران وهي ماضية في برنامجها النووي وتأكيد شرعية حقوقها، ويبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما عازم على تحويل إتفاقه مع طهران الى هدف أساسي يمكنه من تسويقه كبرهان على نجاحه ولو بصورة جزئية في تأمين استقرار مرحلي لمنطقة الشرق الأوسط، وهو يخشى من إنعكاسات فشل المشروع الأميركي – الغربي في المنطقة وانتصار محور المقاومة من خلال صموده وانتقاله من الدفاع الى الهجوم وعلى كافة المستويات السياسية والعسكرية.
والسؤال اليوم الذي يطرحه كثيرون، يتعلق بالإستراتيجيات الأميركية نحو الشركاء، وذلك حيال نجاح إيران وانتزاع حقوقها النووية؟.
بالتأكيد إن هناك أكثر من رابط، بين الأمر الواقع والمفاوضات النووية والإنتصارات التي يحققها محور المقاومة بكافة أطرافه، وهناك البعد الإقتصادي وترابط الملفات في المنطقة والعالم، وكذلك أولويات الحرب على الإرهاب بما فيه إرهاب “داعش” و”القاعدة” في اليمن.
وفي النتائج، إن نجاح المفاوضات النووية التي تخوضها إيران سينعكس إيجاباً على كافة الملفات الساخنة التي تتطلّب تضافر جميع الجهود الدولية، وهذا من شأنه كما قال هنري كسنجر أمام لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب: “أن ينقل المفاوضات النووية من خانة إجماع دولية على منع الإنتشار النووي ومنع القدرة على تطوير السلاح النووي، الى مفاوضات ثنائية حول مدى تلك القدرة لفترة محددة، وهذا يعني الإنتقال من منع الإنتشار النووي الى إدارته”.
إتفاق الإطار المزمع عقده حول برنامج إيران النووي، سيشكل مدخلاً وفاصلة هامة، وبعدها الإنتقال الى ملفات أخرى في سلم الأولويات الدولية، مثل الحرب على الإرهاب وإرساء وقائع جديدة من شأنها أن تعزّز قدرات إيران الإقتصادية والعسكرية ودورها الإقليمي ويتوج بذلك إنتصار محور المقاومة، وهو الترجمة المثلى لكيفية الربط ما بين الإنتصارات في الميدان وما يمكن إنتزاعه في المفاوضات.