للعام الرابع على التوالي تواصل سوريا صمودها ومقاومتها وهي تواجه المشاريع الاستعمارية وأدواتها في المنطقة، وفي جردة حساب سريعة يكفي أن نشير الى حقائق الميدان لتفسير انعكاساتها وتداعياتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية وفي كل الإتجاهات.
محور المقاومة استطاع أن يثبت وجوده الفاعل في الميدان وفي السياسة من خلال دفاعه عن الإنجازات التي تحققت بفضل المقاومة ووضوح رؤيتها واستعدادها للتضحية وحافظت على مسارها المتصاعد رغم الهجمة وأدوات إجرامها، وأفشل المؤامرة التي تستهدف سوريا ومعها كل مقاومة في وجه العدو الصهيوني ومَن يدعمه.
الوضع العربي الرسمي في معظمه يعاني من اختلاف وخلاف في الرؤى إنعكست في المواقف والميدان، وكأن البعض يسير في عكس الزمن نحو مزيد من الإنحطاط بكافة أنواعه ومسمياته.
وأحلام المواطن العربي لم تعد كما كانت، وتغيّر سلم أولوياته الحياتية على وقع ما يجري في إنقسام عمودي وأفقي في بنية المجتمع، والبعض ابتعد عن حالة عدم الإكتراث وأصبح مطلبه الإستقرار وبأي ثمن، كأن الخسارة تقابل الاستقرار في هذا الواقع الأليم، ويحلو للبعض أن يرفع شعارات ديموغاجية ويتسلّح بالفوضى والإرتهان لأعداء الأمة، وفي الحالتين لا بد من التوقف عندها.
ويبدو أيضاً أن مطلب الإستقرار العربي سيظل شعاراً وهو لن يعود في زمن قريب بعد أن تغيّرت أوجه الصراع لدى البعض ولم يعد في مواجهة عدو أمتنا، وهذا الواقع يعني استباحة مبرمجة لكل ما هو ملتزم بعروبته وقضايا أمته، والبعض راهن على أجندات تكفيرية وتخريبية تقاطعت مع مشاريع استعمارية هدفها إضعاف دول قائمة بسبب دورها وموقفها ومحاولة إزالتها من الوجود لتسهيل عملية السيطرة والهيمنة الكاملة على مقدرات البلاد.
أسباب الوهن والضعف كثيرة ومن بينها وأخطرها إرتباط النظام الرسمي العربي بمعظمه بأجندات خارجية، وبعيداً عن رؤية الواقع وتشخيصه وإيجاد العلاج المناسب، ولذلك فإن إنتشار التطرف في ظل أوضاع تتميّز بإنسداد الأفق السياسي وارتفاع الضغوط المعيشية هو وصفة لإستمرار الحالة الراهنة في معظم البلدان العربية.
وفي أجواء الخوف والرعب، يحاول البعض أن يروّج لنهاية العرب أو موتهم السريري، مثل هذا الوصف يصب في صالح أعداء أمتنا، وخاصة بعد أن تحوّلت الأزمات الى حروب تغذيها مصالح ضيقة.
نحن اليوم أمام لحظة الحقيقة، غابت المبادرات العربية للخروج من هذا الواقع وحضر ما يسمى “التحالف العربي – الدولي” لمحاربة الإرهاب، وهذه وصفة لتكريس الواقع الأليم الى سنوات مفتوحة وهي تعني الدخول في متاهات جديدة وخسارة مؤكدة في الحساب العام.
والسؤال الى متى تراهن الدول الكبرى على بقاء مصالحها في أمان في ظل هذا الواقع؟ وأين السلام الموعود الذي روّجوا له سنوات؟
نقول، المستفيد الأكبر هو العدو الصهيوني في ظل الحرائق والدمار ويتم استخدام أدوات محلية ساوت نفسها بالإرهاب، وما يجري وصفه توفر الذرائع لـ “إسرائيل” لتشن مزيداً من الحروب ضد الشعب الفلسطيني وتحاول تصفية قضيته، بينما معظم الآخرون يسكتون ويتآمرون ويتحالفون مع أعتى قوى العالم التي وقفت مع الكيان الصهيوني منذ لحظة إقامته وتغذيه بأسباب استمراره.
لقد وصلت سكاكين الإرهاب الى الحناجر بعد أن تسلّل التطرف الى الصفوف وأمعن في القتل والتشريد والسبي وقطع رؤوس الأبرياء.
ويحدثونك عن جامعة الدول العربية وعن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وعن المبادرات الخارجية، ويبيعون نفط العرب بأرخص الأثمان بعد أن أصبح في متناول الدول التي ساهمت في صنع الفتنة والمؤامرة وروّجت للفوضى “الخلاقة” الموعودة.
ونحن نقول خلاصنا من الحالة الراهنة هو في مقاومتنا كأمة واحدة ومصير واحد والإستفادة من دروس التاريخ المعمد بدماء الشهداء والرهان على الذات ومهما كانت الصعاب والتحديات…