لم تعد بيانات الاستنكار كافية لمواجهة الكيان الغاصب الذي يمارس بلطجيته الدموية بحق الشعب الفلسطيني ورموزه الوطنية والتي كان آخرها جريمة اغتيال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطيني زياد أبو عين، التي شاهدها العالم بأسره مباشرة على القنوات الاعلامية حين قام جنود اسرائيليون ببمارسة جريمتهم عن سابق إصرار بعد ان طالت جرائمهم السابقة كل مقدس ومحرّم، ولم يتورعوا عن ارتكاب ما يندى له جبين الإنسانية من مجازر وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني على مر الزمن .
مكان وقوع الجريمة النكراء بلدة “ترمسعيا” الواقعة شمالي مدينة رام الله، التي تشهد مع القرى المجاورة المزيد من زحف التوسع الاستيطاني الذي يقضم قرى فلسطينية مقابل تمسك الفلسطينيين بارضهم والعمل على حمايتها من الغول التوسعي الدموي، بزرع أشجار زيتون في أراضي البلدة التي شارك الوزير الشهيد ابو عين فعالياتها في هذه التظاهرة الرمزية المعبرة عن تمسك الفلسطيني بأرضه ،ورفضه لكل اشكال الاحتلال و القتل بالاضافة الى جرائم الاغتيال والتصفية التي يمارسها الاحتلال بأبعادها السياسية والرمزية .
جريمة اغتيال أبو عين أرسلت رسائل واضحة إلى الفلسطينيين ولكل العرب والمسلمين على مختلف مستوياتهم الرسمية والشعبية، وأثبتت مجدداً أن لا حصانة لأحد أمام آلة القمع والقتل والاجرام ، وأن جرائم الاحتلال لا تحدها حدود، ولعل ذلك ليس غريباً، كون قائمة عمليات الاغتيال والإبادة الجماعية لا تنفك تتمدد وتضم أسماء جديدة، تجمع بينها هوية فلسطين المقاومة وإن فرقتها التوجهات السياسية .
وكالعادة لم تخرج ردود الفعل الدولية، الغربية منها خصوصاً، من خانة المواقف المعدّة مسبقاً، والتي تراوحت بين دعوات ضبط النفس، ومطالب إجراء “تحقيق” في الواقعة، وحتى إن وصلت في أقصى تجلياتها إلى الإدانة، فتلك ليست إلا إدانة صورية ومشكوك في مصداقيتها، وهي لا تتعدى كونها مجرد موقف دعائي، وهذا ليس مستغرباً على السياسة الاميركية التابعة والخاضعة لإملاءات كيان الاحتلال والقتل والتوسع، لكنه مدعاة للفلسطينيين إلى الترفع عن مصالحهم الضيقة و إحداث تغيير في آليات المواجهة مع الكيان الغاصب وطرق التجاوب والتنسيق فيما بينهم وخروج المسؤولين من خانةالتلاعب بالألفاظ، والغاء “التنسيق الأمني” مع الاحتلال وذلك كرد فعل مباشر على الجريمة التي طالت رمزية فلسطينية مقاومة للجدار والاستيطان، اثناء مشاركتها في المقاومة الشعبية السلمية، ، والواضح أن هذه الجريمة عرّت أكثر الرياء الغربي وحتى العربي في التعاطي مع القضية الفلسطينية، ونظرته إلى إنسانية الفلسطيني، سواء كان كان “وزيراً”، او مواطنا عاديا يحاول الدفاع عن ارضه.