بدأ العد العكسي لإنتهاء المهلة النهائية المحددة من قبل طرفي التفاوض، بين إيران من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وجلسة التفاوض التاسعة كانت في مسقط يومي 9 و10 تشرين الثاني الجاري وهذه المفاوضات تمثّل محاولة لتحقيق اختراق يتيح إبرام إتفاق بشأن ملف طهران النووي بحلول 24 تشرين الثاني الجاري.
في جولة التفاوض هذه، مثّل إيران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، ومن الجانب الأميركي وزير الخارجية جون كيري ومسؤولة العلاقات السابقة في الإتحاد الأوروبي كاترين أشتون، وأكّد ظريف استمرار عملية التفاوض للتوصل الى إتفاق، وأشار الى أن العقوبات المفروضة على إيران لم تحقق أي نتائج للغرب، وإذا كان الغرب مهتماً بالتوصل الى حل، فهناك احتمال التوصل الى إتفاق قبل 24 تشرين الثاني، وأشار أيضاً الى تباعد المواقف بشأن حجم برنامج تخصيب اليورانيوم وآلية رفع العقوبات، وإذا برهن الجانب الآخر على إرادة سياسية حسنة، يمكننا التوصل الى إتفاق، ورافضاً بذلك أي خطوط حمراء مصطنعة يسعى الطرف الآخر الى فرضها على المسار التفاوضي.
وفي جلسة التفاوض الأخيرة، تمّ التركيز على مناقشة آلية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، إذ تطالب بأن تتم الخطوة دفعة واحدة، فيما تريد واشنطن أن يحدث الأمر تدريجياً، ورفض الإيرانيون فكرة فتح قناة مالية مباشرة بين طهران وواشنطن لتسوية هذه المسألة، واعتبروا ذلك التفافاً أميركياً على العقوبات وإبقائها على الإقتصاد الإيراني وتحديداً المصرف المركزي، وإيران أيضاً تشترط رفع القيود على المصرف المركزي فور إبرام الإتفاق.
من المؤكّد بأن إيران لن توقف برنامجها النووي أو تبطئ في تحديث قواها العسكرية التقليدية، هذه أمور محسومة في ظل غياب محيط أمني وإقليمي، وفي ظل الحروب الأميركية الجديدة في المنطقة التي تتخذ من أزمات المنطقة ذريعة لبسط هيمنتها.
والشيء الموضوعي الذي تتمسك به إيران، هو إعادة النظر في الأجندات المعمول بها كي تتناسب مع المصالح السياسية والاقتصادية وهي تهدف الى انفتاحها على المجتمع الدولي بشكل إيجابي يعود عليها بالنفع من جهة ويعزز الإنجازات التي تحققت وكذلك توطيد تحالفاتها الوطيدة وتعزيز دورها الإقليمي في ظل التحديات الماثلة.
الجانب الأميركي من جهته، يحاول الابتزاز وخلط بعض الأوراق ويتسلح بما أفرزته الإنتخابات النصفية الأميركية من نيل الجمهوريين أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ والنواب وسيعملون على رفض أي اتفاق لا يحقق مكاسب أميركية.
الرد الإيراني جاء هذه المرة من نائب رئيس الأركان الإيراني مسعود جزائري، الذي حذّر من أن “الأميركيين يريدون أن يوقعوا إيران في خطأ استراتيجي، لتتخذ خطوة متعجلة في المفاوضات النووية، من خلال استغلال فزاعة الجمهوريين بعد فوزهم في إنتخابات التجديد النصفي للكونغرس”.
وقال جزائري: “الديمقراطيون والجمهوريون وجهان لعملة واحدة لتطبيق استراتيجية الولايات المتحدة والحرب الصورية والخلافات الظاهرية بينهم على صعيد التحدي النووي مع إيران، ليست سوى جزء من سياسة خداع يمارسها الأميركيون ضد الشعوب، من أجل متابعة هيمنة الامبريالية الغربية والصهيونية ونهب موارد الدول وثرواتها”.
بالتأكيد، القيادة الإيرانية تعي تماماً حقيقة ما يجري في المنطقة وهي أكثر وعياً ويقظة ولن تنطلي عليها أساليب الخداع الأميركية، وما عجز عنه الجانب الأميركي بلغة التهديد والوعيد، لن يحصل عليه من خلال جولات التفاوض والدبلوماسية.
المراقبون بدورهم، تحدثوا عن التوصل الى نتائج إيجابية في شأن كل المسائل الفنية المتعلقة ببرنامج طهران النووي، بما في ذلك حجم نشاطات تخصيب اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي والمنشآت الذرية، والجانب الأميركي يتحدث عن إمكانية سد الفجوات بحيث ترفع العقوبات تدريجياً عن إيران، ويطالب بتطمينات قوية وأكيدة وآلية يمكن التحقق منها بأن إيران غير قادرة على تطوير سلاح نووي، وهذا يعني أن إدارة الرئيس باراك أوباما مترددة وحساباتها الداخلية أصبحت أكثر تعقيداً، وهي تنتظر تحقيق اختراق ما، وبالتأكيد فهو لن يأتي، وستمضي إيران قوية بشعبها وقيادتها وهي لن تتخلى عن حقوقها النووية.