إن شر الجماعات التكفيرية وويلاتهم على المنطقة العربية, يمكن التأريخ لها في وقتنا المعاصر مع بداية تمويل عدد من الانظمة الخليجية لقيادات القاعدة, وعلى رأسهم أيمن الظواهري, إضافة إلى بعض زعماء حركة طالبان.
لقد وظفت هذه الانظمة الحركات التكفيرية مثل “داعش” “والنصرة” في صالحها, واغدقت عليهم بالاموال والعتاد لتجنيد الانتحاريين منهم والعبث بأمن واستقرار العديد من البلدان العربية وفي طليعتها سوريا ولبنان.
يعلم الجميع أن “لداعش” “والنصرة” تفصيلات شيطانية غاية في القذارة, لا صلة لها بالإسلام ولا بالمسلمين, وإن جميع ما يجري من خطط تدميرية في المنطقة , له صلة حتمية بمحاربة محور المقاومة , لذلك رأينا خلال عام واحد تأرجح التعامل مع تنظيم “داعش” الارهابي ما بين غض الطرف والدعم من قبل قوي دولية وخليجية لأعماله الاجرامية . إلي أن بسط هذا التنظيم التكفيري سيطرته علي مساحات كبيرة في العراق وسورية، وبين تشكيل “تحالف” اميركي لضرب هذا التنظيم.
وللاضاءة اكثر على مشروع الهيمنة الاميركية الجديدة تحت يافطة “داعش” على المنطقة دعونا نتذكر الكلام الذي صدر عن
وزير الدفاع الأمريكي السابق “ليون بانيتا” الذي توقع ان تطول الحرب على “داعش” و”أن القتال ضد التنظيم سيكون صعبا وسيستغرق 30عاما. وقد يمتد تهديده الي ليبيا ونيجيريا والصومال واليمن”. في اشارة جديدة إلي دخول مشروع القرن الأمريكي الجديد مرحلة التنفيذ بما يستتبعه ذلك من تغيرات كاسحة في منطقة الشرق الأوسط بدأت مبكرا بالغزو الاميركي لأفغانستان والضربة الاستباقية لنظام صدام حسين في العراق، فيما تواصل المشروع الاميركي بتفريخ العديد من التنظيمات الارهابية بما فيها ” القاعدة” و” داعش” “والنصرة” وغيرها من التنظيمات التكفيرية بهذف فرض الزعامة الأمريكية علي العالم من بوابة “الإرهاب”.
ولكن الانكى في هذا المجال هو موقف الرئيس الاميركي اوباما الذي يستهين طبعا بعقول العرب ومحاولة اقناعهم بأن تشكيل تحالف دولي يمكنه شن حرب عالمية، وليس ضرب تنظيم ارهابي يضم في خلاياه ثلاثين ألف مسلح هم في الحقيقة يفتقدون العديد من أشكال التسليح التي تجعلهم يصمدون أمام دول التحالف مجتمعة، حتي لو اقتصرت ضربات هذه الدول علي الغارات الجوية فقط.
والأكثر غرابة في هذا السياق أنه رغم القرارات الدولية المتعلقة بمحاصرة “داعش” والضربات الجوية التي يوجهها التحالف الدولي ضد التنظيم، فان التقارير الاستخباراتية الواردة تشير إلي أن “داعش” مازال لديه القدرة علي تحقيق مكاسب مالية شهرية لا تقل عن ملايين الدولارات كأرباح صافية من بيع النفط العراقي والسوري في السوق السوداء. وهو ما يعني أنه يسمح للتنظيم بتحصيل هذه الإيرادات التي تمكنه من شراء السلاح وتجنيد عناصر جديدة تسمح له بالتمدد داخل الأراضي السورية والعراقية.
الخلاصة هنا أننا أمام سياسة أمريكية جهنمية ،تتخذ من الجماعات الارهابية حجة اضافية للتوسع والتمدد في اكثر من رقعة جغرافية في منطقتنا ،والتلميح الاميركي بطول أمد الحرب ضد تنظيم “داعش” يشير ربما إلى اقتراب نقل المعارك حيث يقبع “الدواعش” في كل من مصر وليبيا وغيرها من البلدان العربية والاسلامية .