العدوان مستمر على المنطقة، لم يكن العدو بحاجة الى ذريعة لاستهداف قطاع غزة. فأحداث المنطقة مترابطة في الوقائع والمحصلات، والجهود التي يبذلها الأعداء لتغيير مسار الصراع لم تبدأ من لحظة العدوان، هذه المرة كان الاستهداف أكثر وضوحاً.
ففي ذروة الهجوم الإرهابي على الموصل وما حولها، بدأ العدوان على غزة، وفي ذروة المفاوضات الإيرانية مع دول 5+1 تُتّهم إيران بدعم المقاومة في غزة ويحاول الأعداء تغيير مسار الصراع في المنطقة وهم يعتقدون زوراً بأنهم نجحوا في تصفية القضية الفلسطينية ولإدخالها في دهاليز المفاوضات الى غير رجعة.
وبعد أن أثمرت الخلافات وعمليات خلط الأوراق في العراق من خلال ما صنعوه من “داعش” وغيرها، والهدف تأجيج الخلافات وتسعير الإقتتال وإشعال نار الحروب، وهنا تمّ إظهار “داعش” الى حيز الوجود كلاعب مؤقت على الساحة العراقية والسورية كمقدمة لتشكيل ما يسمى التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، وتمّ استخدام كافة تقنيات الإظهار والإبهار الإعلامي والحديث عن المخلّص الأميركي، وعادت نغمة “التحالف” وهذه المرة على حساب الضحايا الذين ذهبوا في الحروب المدبّرة والمدمّرة.
وعملية خلط الأوراق هذه، جاءت على حساب الشعوب في المنطقة من أولها الى آخرها، وقودها وأثمانها.
من هنا كان الهجوم الإسرائيلي على غزة مدمراً، وبعدها جاءت الخطوة التالية، جعل المقاومة تدفع الثمن وجعل الخيارات محدودة، وعملية إحكام مبرمجة لسد الآفاق جميعها، وكأن غزة وأهلها مقطوعة عن محيطها، والذهاب بعيداً في توصيف المقاومة بالإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي هو صناعة الدول الاستعمارية الكبرى، هكذا كان في أفغانستان وفي العراق وفي كل مكان.
وبدلاً من معاقبة “إسرائيل” على جرائمها في غزة وفي أرجاء فلسطين كلها، تمّ تدجين الأنظمة الموالية للغرب والدائرة في الفلك الأميركي، وأصبحت الجامعة العربية مجرد تابع وقراراتها يصادق عليها من أولي الأمر أولئك الذين يصنعون الآن ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة “داعش”، وهم في حقيقة الأمر يستهدفون قضايا الأمة ومستقبلها.
لكن نتائج حرب غزة، أثبتت أن “إسرائيل” أصبحت خاسرة بكل المقاييس، ومن هنا كانت خطة الحرب المبرمجة لاستهداف المنطقة وبحجة الحرب على الإرهاب، إنه سيناريو معد سلفاً، والذريعة أيضاً أن “داعش” ارتكبت مخالفات في المدن الأوروبية وعازمة على نقل نشاطاتها الى هناك، ويقولون: هذا ما أقنع الكونغرس الأميركي بضرورة اعتماد الحرب قبل فوات الأوان، وهذا يعني أن الفرصة سانحة للإنقضاض على المنطقة والهدف مصالح الدول الاستعمارية وتأمين أمن الكيان الصهيوني، والرئيس الأميركي باراك أوباما قال: “إنه سيقود حرباً بجنود غير أميركيين” أي جنود الحرب ووقودها أهل المنطقة، أي عملية خلط للأوراق وبذريعة الحرب على “داعش” ستستمر هذه الحرب ثلاث سنوات قابلة للتجديد، إنه استعمار جديد يستهدف المنطقة، التي بأسرها ستدفع الثمن خاصة تلك الأنظمة التي استدعت التدخل الخارجي، والمطلوب إعادة تشكيل المنطقة وفقاً للمصالح الأميركية والغربية عموماً، هذا من الناحية النظرية، وكما يتصورون.
أما من الناحية العملية، بالتأكيد الاحتلال يجب مقاومته، معادلة منطقية وواقعية، وإرادة الشعوب أكبر من جبروت القوة الغاشمة مهما كان حجمها.
الفرصة سانحة الآن، أمتنا قادرة على تحقيق الانتصار والإرادة هي مَن يصنع الانتصار.
إنه درس التاريخ الذي لا يخطئ.