هل بدأت الحرب الدولية ضد الإرهاب؟
كان لا بدّ أولاً من تعريف الإرهاب أي معرفة العدو الحقيقي وصانع الإرهاب وصاحب المخطط الفعلي، وبالتأكيد أيضاً، لا بدّ من رؤية الأشياء على أرض الواقع دون انتقائية أو ازدواجية في المعايير.
وهذا يعني “أن الإرادة الدولية لتحالف ضد الإرهاب لم تتوفر بعد”، والدول الغربية وفي مقدمتها أميركا “رسمت خطوطاً حمراء لتحرّك تنظيم “داعش” تتلخّص في منع هذا التنظيم من القيام بعمل وحشي فائق التصوّر ومنعه من استهداف التجمعات الديمغرافية الصغيرة والى حد ما منع الإبادة الفاضحة، وحماية أكبر كمية ممكنة من آبار النفط ولاسيما في العراق”.
هذه عبارات يجب التوقف عندها؟ ألم يعِ هؤلاء ما جرى ويجري وحجم الجرائم التي ارتكبت حتى الآن؟ وهل المقصود الإبادة المستورة كأمر يمكن غض النظر عنه؟ والواضح أيضاً، المقصود هو حماية مصالح تلك الدول الاستعمارية في المنطقة ومصالح الكيان الصهيوني صنيعتهم في منطقتنا وعلى حساب مصالح الأمة جمعاء والإرهاب لا يمكن تجزئته.
وهناك جملة من التناقضات لدى دعاة الحرب على الإرهاب، هم في العلن يتحدثون عن رفض تقسيم العراق ولكنهم عملياً يساهمون في تمزيقه والتدخل في شؤونه حتى يصبح التقسيم أمراً واقعاً، والدعم المخصص لإقليم كردستان العراق يفوق أي تصور ويرافقه دعاية دولية وإقليمية وكأنها تمهّد لما سيأتي.
الرئيس الأميركي باراك أوباما، برّر التدخل مجدداً في العراق بالبعد الأخلاقي المرتبط بحماية الأقليات من الإبادة ومستثنياً سوريا من نظرته لخطر التكفيريين.
الأوروبيون وضعوا أنفسهم طرفاً في الحرب الدائرة في العراق، وأعلن وزراء الخارجية، أن الاتحاد الأوروبي “يقر بالمسؤولية الدولية والأوروبية للتعاون مع العراق في قتالنا المشترك ضد الإرهاب”، وهناك التحذير البريطاني والفرنسي من التهديد الذي يشكّله “داعش” على الأمن الداخلي الأوروبي.
ففي البيان المشترك للإتحاد الأوروبي وردت إشارة: “أنه سيدعو الدول المجاورة للعراق والشركاء الآخرين لزيادة التعاون وتطوير إجراءات ملموسة لتسهيل حل طويل الأمد للأزمة الراهنة ومحاربة التهديد الإرهابي المشترك والحفاظ على عراق موحّد وديمقراطي”.
وهناك مَن يتحدّث بواقعية عن التعقيد الذي سيتمّ مواجهته في قتال “داعش” بسبب حركة الإمداد المفتوحة عبر الحدود السورية، ويقرّ “بصعوبة احتواء تهديد “داعش” من دون مواجهته في سوريا والعراق”.
السؤال: كيف ستتحالف دول إقليمية في محاربة الإرهاب في المنطقة وضد “داعش” وهي غير متوافقة أو في حالة صراع ضمني أو صراع غير مباشر، وكل واحدة تنتمي الى حلف مغاير والمواجهة قائمة بينهما في سوريا وغيرها.
وفي مسألة إبعاد إيران عن التحالف الدولي ضد “داعش” التي نبّه وحذّر من عواقبها وزير الخارجية الألماني شتاينماير في مؤتمر صحافي في بروكسل، وذكر ما حصل في مؤتمر “جنيف – 2” السوري عندما كان يطالب بوجود طهران على طاولة التفاوض وقال: “عندما تتعقّد الأمور وتصعب لا يمكن الحصول على نتائج من دون إشراك دول الجوار”.
ويمكن القول، بأن مصالح جميع الأطراف الإقليمية والدولية، تحتّم أن يكون التلاقي في مواجهة الإرهاب، تلاقٍ حقيقي واضح، بدون أي انتقائية وازدواجية في المعايير، وهذا يحتم المواجهة الشاملة للإرهاب والقضاء على جميع الحواضن التي ساهمت في نشوء “داعش” و”النصرة” وغيرها، والسؤال: هل تسوية الأزمة في العراق ستكون مدخلاً لرؤية جديدة وانفراج إقليمي؟ نأمل ألا يكون تقسيم العراق قد بدأ فعلاً، وإلا لماذا الحرب على سوريا وفلسطين مازالت متواصلة؟!