أهداف المشروع الاستعماري الذي يستهدف المنطقة تكسّرت على أبواب غزة، وهذا المشروع بدأ مبكراً وتوالت حلقاته تباعاً، وما بين كانون الثاني 2010 وتموز 2014 اتّضحت معالم الاستهداف بشكل واضح، فأصبح الهدف مميّزاً ويتمثّل في إحداث تغيير في الجغرافيا السياسية عبر حرب غير معلنة تشارك فيها جهات دولية وإقليمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبقية دول الغرب الاستعماري.
والعدوان الصهيوني الذي يستهدف قطاع غزة (تموز وآب 2014)، هو أحد حلقات المشروع الاستعماري وهو حلقة جديدة في سلسلة استهدافات، وتكملة لإستهداف العراق وسوريا ولبنان، وأهداف العدو المعلنة وتلك التي يحاول تحقيقها هي نزع سلاح المقاومة وأهداف تأتي على طريقة “الخطوة خطوة”، استهداف الأنفاق في غزة وإحكام الحصار المفروض على غزة، واستهداف منصات الصواريخ ومخازنها وأيضاً استهداف قادة المقاومة الفلسطينية، ومن ثمّ تنتهز “إسرائيل” فرصتها السانحة كما تظن، لتعلن عن علاقاتها ببعض الدول العربية المرتبطة أصلاً بالمشروع الاستعماري وتعمل كأداة طيعة لتنفيذ أهدافه، ومن هنا كان الثناء الإسرائيلي المعلن عن المواقف الإيجابية لتلك الدول المرتبطة التي شجّعت العدوان أو التي بقيت صامتة ومتواطئة سرّاً، وبعض التواطؤ كان مستتراً، واكتفى ببيانات الإدانة والاكتفاء بعبارات إنشائية من باب رفع العتب، وتسمح للدول المتورطة في استهدافها المنطقة الى زيادة تورطها تحت عنوان المصالح المتبادلة والموقف الرسمي العربي وحدوده.
ومن بين أهداف العدو في عدوانه، تسويق مبادرة لنزع سلاح المقاومة في غزة، وأما الهدف النهائي، هو توجيه ضربة قاضية، تسمح للعدو في إفساح المجال لطي ملف الصراع العربي – الإسرائيلي وجر الدول العربية المتواطئة الى الاعتراف العلني بالعدو والتطبيع معه تحت عنوان إيجاد حل للقضية الفلسطينية برعاية أميركية ودور للجامعة العربية المدارة بأموال النفط والغاز.
من هنا كان الهجوم على قطاع غزة مدمراً، وتكبّد العدو خسائر جسيمة في جنوده وضباطه وصلت الى أكثر من 130 قتيلاً خلال 21 يوماً من عدوانه.
والتنسيق الأميركي – الإسرائيلي كان متواصلاً قبل العدوان على غزة، هذا ما أكّده وزير الخارجية الأميركية جون كيري، وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، أن أسلحة أميركية جديدة ستصل الى “إسرائيل” بعد أن فتحت المستودعات الأميركية أبوابها لتقديم الذخائر واستمرار العدوان، وهذا ما يشير الى حجم العدوان واستهدافاته المخططة.
ويرمي المشروع الاستعماري الذي يستهدف المنطقة وفي حلقاته المترابطة، تدمير قدرات العراق وسوريا وإضعافهما في أقل التقديرات لحماية “إسرائيل” من أي تهديدات مستقبلية، أي تأمين أمن الكيان.
ويهدف المخطط أيضاً تقسيم دول المواجهة للمشروع الغربي وتشتيت صفوفها وتحديداً محور المقاومة، وزج شعوب المنطقة في أتون صراعات وحروب داخلية ونزعات فئوية وكذلك محاولة لتهميش الدول التي تساند المقاومة واستبدالها بدول تدعم المشروع الغربي من خلال استهداف الجيوش العربية كافة واستهداف إيران بما تمثّله من داعم أساسي لكل مقاومة في مواجهة الغطرسة الصهيونية في المنطقة وخاصة دعمها المطلق للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي لبنان.
يبدو أن المشروع الاستعماري – الصهيوني، بدأ يتكسّر على أبواب غزة وتمّ قلب المعادلات المفترضة التي كانت تُخطط لتصب في مصلحة الكيان الصهيوني، وانتصار غزة هو انتصار لقضية فلسطين ولكل المقاومين في أمتنا.