انطلقت يوم أمس الأول، الحملات الانتخابية الرئاسية في سوريا … الشعب السوري يتنافس مع الجماعات التكفيرية في هذه المعركة وان كان لا وجود للمعارضات على حلبة المنافسة … الانتخابات الرئاسية ستجري على كامل التراب السوري باستثناء بعض المناطق القليلة التي مازالت تقبع تحت سيطرة جماعة “داعش” و”النصرة” .
في البدء، انعقد رهان الولايات المتحدة على اجتثاث الجيش العربي السوري من المدن ، قبل موعد الاستحقاق الانتخابي … يبدو أن هذا الرهان، قد خاب، فحلب، ثاني المدن السورية، قد بدأت بالخروج من قلب دائرة النار … أما حمص، ثالثة المدن السورية، فقد تحررت بعد معارك دامية بين النظام والجماعات التكفيرية ، وأهلها قد عاد بعضهم لتفقد الأضرار وإحصاء الخسائر، واصلاح بيوتهم ليتمكنوا من الاستقرار فيها.
في بلد فشلت ايادي الغرب من ضرب وحدته الوطنية وتفتيته ، سوف تكون الانتخابات الرئاسية فيه تتويجاً لمسار وطني ، بين مختلف شرائح المجتمع السوري … وقد تكون مدخلاً لهذا المسار وتدشيناً له …… وقد تصبح صبيحة اليوم التالي لإعلان نتائجها، يوم وطني كبير في يوميات الأزمة السورية، وقبلها ليس كما بعده .
من منظور المراقبين ، الانتخابات الرئاسية مهمة بذاتها، وهي محمّلة بكثير من الرسائل … هي دليل قاطع على أن المؤسسات في سوريا، ما زالت تعمل كالمعتاد، برغم فاتورة الارهاب وأكلافه ويومياته الدموية والتخريبية … وهي بمثابة تجديد لثقة الشعب السوري بسوريا ،العصية على جميع الغزوات الخارجية ،من خلال آلية انتخابية وكتعبير سياسي مكثف عن المكاسب الميدانية التي سجلتها ارادة السوريين في ملاعب الجماعات الارهابية والداعمين لها من جهات اميركية وغربية وخليجية ، والدليل على ذلك حالة هذه الجماعات التي تزداد تهالكاً وتفسخاً، يوماً بعد يوم .
أما بالنسبة “للمعارضات ” الداخلية والخارجية فقد زعمت بأن الانتخابات الرئاسية مهزلة تحاكي الديمقراطية، دون أن ترتقي إلى معاييرها، وهي جزء من المشكلة بدل أن تكون جزءاً من الحل، وعقبة إضافية على طريق “جنيف 3” المتعثر أصلاً … هؤلاء جميعاً ما كان منتظراً منهم مواقف غير تلك التي صدرت عنهم … أما حلفاء هذه “المعارضات” في الخارج ، فهم يشاطرونهم ، بعضاَ من مواقفهم السياسية والانتخابية ، وليس جميعها على أية حال،خاصة وان المرشحين للرئاسة يجب أن يكونوا مقيمين إقامة دائمة في سوريا في السنوات العشر الأخيرة، ما يسقط جميع المعارضة في الخارج، دفعة واحدة، وبجرة قلم … كما يتعين على المرشحين الحصول على تأييد 35 نائباً في مجلس الشعب السوري، ما يعني عدم قدرة المعارضة التي لا تتوفر لها الحاضنة الشعبية من المشاركة في حال تجرّأ بعضها على التفكير بخوض غمار المنافسة.
هي المرة الاولي التي نشهد فيها انتخابات ومنافسة ديمقراطية حرة ونزيهة، وليس بصدد استفتاء على الرئاسة، من النوع الذي اعتادته سوريا، والذي غالباً ما كان ينتهي بنسبة 99.99 بالمائة من الأصوات لصالح مرشح واحد ، تلك الاستفتاءات التي مُنِح فيها المواطن السوري الحق في قول “نعم” أو “لا”، ولا خيار ثالث بينهما.
اما اليوم فهناك اكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية حسب ما اعلنت المحكمة الدستورية في سوريا ،الرئيس بشار حافظ الأسد، أمَّا منافساه الآخران هما ماهر عبدالحفيظ حجار وحسان عبدالله النوري اللذان ينتميان الى “المعارضة” الداخلية ، بعد ان تمكنا من استكمال شروط المنافسة، التي ستجرى تحت رقابة رقابة المجتمع المدني وعلى قاعدة احترام المعايير الدولية لنزاهة الانتخابات وشفافيتها،
خوفاً على سوريا، وأملاً في الاستقرار وعودة الأمن والأمان، ودائماً استكمال الحرب على جميع المعارضات المسلحة، منها التكفيرية على نحو خاص، والتي يمكن القول من الآن، ومن دون تردد، إنها ستكون الخاسر الاكبر في الانتخابات المقبلة.