القضية الفلسطينية هي قضية الأمة، وبالرغم من محاولات الكيان الصهيوني لإنجاز خطوات تسوية كمحطات على طريق استكمال المشروع، إلا أن تلك الخطوات تصطدم بمقاومة أبناء أمتنا والشعب الفلسطيني الذي يزداد تمسكاً بهويته الوطنية وبأرضه وذلك بالرغم من مشكلات الواقع العربي والفلسطيني الراهن بما يمثلانه عموماً من حالة راهنة، لكن الصراع مستمر بفضل قوى المقاومة في أمتنا، أما العدو فقد فشل بتحقيق أهدافه الإستراتيجية ولم ينجح في تجسيد الفكرة التي كانت وراء إنشائه.
الصراع مازال مفتوحاً، والأزمة تلف جميع الأطراف المنخرطة فيه، أزمة الكيان الصهيوني نابعة أصلاً من تشبثه بأهدافه ودوره الوظيفي في المنطقة، وهو نتاج حركة عنصرية، ولقد أثبتت التجربة أن التسويات غير ممكنة مع الكيان الصهيوني، وهي إما أن يكون لها مبرر للوجود بإنجاز مهام معينة وتحقيق أهداف إقامتها، وإما تفقد ذلك المبرر، فيجري إزالته.
والأكيد أن إستمرار الصراع على قاعدة برنامج التحرير والعودة لا يحتمل العبث بمرتكزاته، فشل الإستيطان الصهيوني ولم يستطع تهويد فلسطين أو تغييب الشعب الفلسطيني ونفي هويته وطمسها وقطع صلاته التاريخية بوطنه، لأن هذا الشعب إستطاع الصمود وتمكن من تكريس حضوره المادي والمعنوي والسياسي.
وبعد أن عجز العدو عن تطويع الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في أمتنا، بدأ العدو بطرح مشاريع التسوية وأراد منها نقل الأزمة الى الساحة العربية، والى تجنيد قوى عربية متهافتة في خدمة هذا الهدف لإعتبارات الحفاظ على مصالحها الفئوية الضيقة.
وليس صدفة ما يجري اليوم من محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، والجولات التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى المنطقة هي محاولات ترمي لتسويق فكرة “يهودية إسرائيل”، وبعد فشل السياسية الأميركية في المنطقة بشكل عام واستهدافها سوريا وما تمثله، وتراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا تحول وزير خارجيته جون كيري الى حمامة تنشد السلام بعدما كان صقراً جارحاً، وهو يحاول تحقيق إنجاز ما في فلسطين ووضع كل ثقله الدبلوماسي وعلاقاته من أجل تحقيق هدف آخر يتوازى مع هدفه في ضرب سوريا، وهو إنجاز “إتفاق إطار” يكون مضمونه الإعتراف بيهودية “إسرائيل”، لكنه فشل في مسعاه، والموازين في المنطقة تتغير لصالح محور المقاومة رغم شراسة الهجمة الإستعمارية التي تشن بأدوات إرهابية وبدعم الرجعيات العربية الى ترى مصلحتها الذاتية من خلال إرتبارطها بقوى عالمية وأمام هذا الهدف تفرط بثروات الأمة.
نقول: ما عجزت عن تحقيقه السياسة الأميركية بأساليب الخداع والتضليل أو الدبلوماسية الماكرة التي أتبعت، بفضل صمود سوريا ومحور المقاومة بجميع مكوناته والمواقف الروسية المبدئية والثابتة والتي أصبحت لا تبالي بما يعجب أو يزعج الولايات المتحدة، وتكتفي واشنطن بالتهديد وهي عاجزة، أرهقتها حروبها الفاشلة في أفغانستان والعراق، والراعي الأميركي أراد أن يرضي “إسرائيل” من خلال تسويق “إتفاق إطار” يصفي القضية الفلسطينية، لكن حساباته في سوريا خذلته وكذلك الأمر في أوكرانيا، والتوجه الأميركي شرقاً جنوب آسيا جاء متأخراً وهو بذلك يبتعد عن أزمات الشرق الأوسط وهدفه تقليل خسائره…