في أحاديث الرئيس باراك أوباما، ينال موضوع الملف النووي الإيراني والخليج وسوريا الأولوية، لما له من أهمية وأبعاد، والفكرة الرئيسية التي تتكرر في أحاديثه: “أن أحداً لن يخسر شيئاً بمحاولة وقف التسلح النووي الإيراني عن طريق التفاوض والإتفاقات الدولية، وليس العمل العسكري”.
أما عن الرؤية السياسية للرئيس أوباما التي تؤطر هذا الخيار، هي رؤية مرتبكة ومتناقضة، لأنه يريد الشيء ونقيضه، من ناحية يحاول إرضاء “إسرائيل” وبنفس الوقت يريد حلاً معقولاً ومقبولاً مع إيران بشأن ملفها النووي.
ومن بين رهانات الرئيس أوباما، محاولته تجزئة القضايا على طريقته، وهو يتعامل مع الأزمة السورية بوصفها ورقة تفاوضية لها بعدها الإيراني والروسي، ولا يريد أن يشتت التركيز عن القضية المركزية وهي السلاح النووي..، كان رهانه على أن إضعاف سوريا يحقق له مكاسب إستراتجية هي جلب الأمن لـ “إسرائيل” ومفاوضته لإيران بشروط أفضل، خسر الرهان، سوريا اليوم تحقق مكاسب هامة وتنتصر وهي قوية وأصبحت ورقة ضغط على أوباما.
يؤخذ على الرئيس أوباما حسب حلفائه أنه لا يريد الإمساك بالورقة السورية ويرفض التصرف برؤيتهم، لأن سوريا اليوم أصبحت ضمن الإستراتيجية الدولية وليست الإقليمية بما في ذلك مصالح حلفاء واشنطن من “عرب” الخليج.
يقول الرئيس أوباما عن الإيرانيين بأنهم “استراتيجيون، وليسوا إنفعاليين، لديهم رؤية عالمية، وينظرون الى مصالحهم، ويستجيبون لمنطق الربح والخسارة”، وهذا يعني أن أوباما سلم بالدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ويريد تفاهماً مع إيران، وقرار أوباما بنقل التركيز الإستراتيجي الأميركي الى شرق آسيا، يزيد من أهمية التفاهم مع إيران يقول أوباما: “إن تحولات تحدث في المنطقة، وهي تحولات فاجأت كثيرين، التغير دائماً مخيف، لكن ما نقوله لشركائنا إنه يجب علينا أن نستجيب للتحول، وأن نتكيف معه”، هذا حديث واضح، وأبرز معالم هذا التغير نمو القوة العسكرية الإيرانية وتعاظم دورها، بينما تعاني دول الخليج من حالة قلق تم وصفها بأنها “تؤسس لإنكشاف إستراتيجي غير مسبوق على المستويين الوطني والإقليمي”.
تعثرت المشاريع الأميركية في المنطقة بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص، وفي كل من مصر وتونس وليبيا والخليج، وتعرضت العلاقات الأميركية – السعودية الى حالة من الفتور لأكثر من سبب ولأن المسافة بين المأمول والممكن تتسع كل يوم.
لذلك ستعمد الإدارة الأميركية الى التمسك بحل الملف النووي الإيراني وخاصة قبل الدخول في مرحلة الإنتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ولأنه الملف الذي سترفعه إدارة الرئيس أوباما في وجه منتقدي سياستها الخارجية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء.
وفي ظل إنفجار الوضع في أوكرانيا وما يحصل شرق تلك البلاد من أحداث أمنية، وفشل الخطط الأميركية هناك، دفع الرئيس الأميركي أوباما الى تطمأنة الحلفاء الآسيويين بشأن إستمرار الحضور الأميركي في المنطقة تلك، وبقاء المظلة الأمنية الأميركية منذ ما بعد الحرب العالمية الثاينة، لذلك كانت زيارة أوباما الى دول آسيوية حليفة محاذية للصين، وهي اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين وماليزيا، وهي تترجم الإستدارة الأميركية نحو آسيا والمحيط الهادىء.
ومن هنا نقول: إن ملفات الشرق الأوسط مترابطة جميعها وأصبح لها أبعاد دولية، وستبقى الأنظار متجهة صوب التسوية المفترضة التي تنتظر إستحقاقات جارية في أكثر من بلد عربي في سوريا ومصر والعراق وفلسطين ولبنان وفي منطقة الخليج، ومرحلة الحسم الأساسية بدأت ومحور المقاومة بأطرافه كافة يحقق الإنجازات، لذلك يدب القلق والإرتباك في صفوف أصحاب المشاريع الإستعمارية وأدواتهم في المنطقة.