في هذه الفترة العصيبة من حياة أمتنا وعالمنا العربي، لا بد من وقفة جذرية، تضع الحقائق كما هي أمام أبناء أمتنا بأسرهم، والواجب يحتم أن يكون أمامنا كشف حساب عن الأعوام التي مضت، يسرد بصدق وأمانة حالة الأمة، ولأن المصير لا يحتمل المجاملة، حاول أعداء الأمة إشهار السلبيات وتضخيمها وحاولوا تشويه نضالات كبيرة وتضحيات بُذلت، من خلال حملة من التضليل المبرمج التي استهدفت الإنسان العربي ومنعه من استخدام قدراته وإمكانياته.
خلال الأعوام الثلاثة التي مضت تمّ استهداف سوريا ومن خلالها استهداف مستقبل العرب جميعاً، وفي المقابل شاركت دول الغرب الإستعماري والولايات المتحدة في أشرس حرب مدمرة كان هدفها واضحاً وأدواتها معلومة، وللأسف أعطيت تلك الدول كل ما يلزم للقيام بمهمتها من قبل بعض “العرب” الذين هانوا وتعاملوا بشكل غير متوازن ولا موزون، ونسي هؤلاء أو تناسوا الدور الرهيب لتلك الدول في إلحاق الكارثة بالأمة العربية وهي التي بذلت جهوداً ضخمة في نشوء الكيان الصهيوني “إسرائيل” ودعمها المتواصل ومدها بالمعونات الضخمة والإمدادات العسكرية المتوالية لتضمن لها على الدوام التفوق العسكري.
واليوم نقول: لن يغفر التاريخ للحكام “العرب” الذين تآمروا على سوريا، وهم مستمرون في مسارهم وبعد أن توضحت كل معالمه وآثاره، والسياسة الأميركية معروفة والأهداف الإسرائيلية مفضوحة وليس الأمر في حاجة لكشف المكشوف.
مؤتمرات “العرب” في قممهم تتهاوى الى قاع الكارثة وجدول أعمالهم مؤلفاً من خطب رئيس وزراء العدو الصهيوني وتصريحاته ضد سوريا ومحور المقاومة في أمتنا، والسؤال أين مواقفهم التي تعود بالفائدة على أمتنا؟ وأين قضية فلسطين التي تؤلف جوهر الصراع .
ونسأل هؤلاء أين مبادرتكم للسلام تلك التي تتحدثون عنها؟ تسويتكم ومبادرتكم لا تنص على إعادة الفلسطينيين الى وطنهم! وهي تتجاهل ما يزيد على ثلاثين قراراً أصدرتها الأمم المتحدة بعودتهم الى مدنهم وقراهم؟
وفي الحساب الختامي للتسوية التي سوقتم، أخذت “إسرائيل” كل ما تريد، وأين أنتم من فلسطين وتحريرها؟، والأدهى من ذلك تدخل الخزينة الإسرائيلية المليارات من الدولارات من أموال النفط العربي المنهوب أميركياً، وتذهب أموالكم لإنشاء المستوطنات، أما بالنسبة لأميركا وهي سبب الكارثة التي لحقت بالشعب الفلسطيني عام 1948 والى يومنا هذا، فهي قد اطمأنت على بقاء “إسرائيل” خنجراً مسموماً في قلب أمتنا وثكنة متقدمة كأكبر قاعدة عسكرية لها خارج أميركا.
وهوانكم يا “عرب” سمح لكل رئيس أميركي أن يضمن لنفسه رئاسة ثانية بأصوات اليهود على حساب الوطن العربي والكرامة العربية.
والسؤال، ما البديل لديكم؟ للأسف، ما نراه يندّى له الجبين!، وبدلاً “من جعل الوطن العربي كله ساحة نضالية واحدة، والكل جبهة مواجهة ضد العدو، توضع في الميدان جميع قدرات العرب من أجل بناء القدرة الذاتية للأمة العربية، ولدفع العالم الغربي وأميركا بالذات الى تحمل مسؤولياته، وهو الذي يزرع “إسرائيل” في الوطن العربي، وهذا الطريق أكثر جدوى وأوفر كرامة”، لكنكم اتخذتم طريقاً آخر مغايراً، جعلتم وبسبب هوانكم، “إسرائيل” أكثر طغياناً وصلفاً، وذهبتم بعيداً في ضلالكم وغيّرتم إتجاه البوصلة الى مكان آخر، حاربتم سوريا لأنها وقفت مع المقاومة في فلسطين وفي لبنان، وتتآمرون على إيران لأنها تتمسك بقضايا الأمة وتقف الى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ولأنها أحد أركان محور المقاومة في أمتنا ووقفت الى جانب لبنان ومقاومته في مواجهة آلة العدوان الصهيونية.
والسؤال برسم “العرب” الذين يشاركون بتدمير المجتمعات العربية وتركيباتها الوطنية والدينية والسياسية خدمة لإستراتيجية الشرق الأوسط الجديد التي تبنّاها المحافظون الجدد، ماذا أنتم فاعلون عندما يأتي دوركم وتقسم بلادكم عندما تتطلب مصلحة أميركا ذلك أو مصلحة الكيان الصهيوني؟!