في مصر يعول كثيرون وهم ينوون التوجه الى صناديق الإنتخابات الرئاسية على المرشح المشير عبد الفتاح السيسي ليكون “رئيس مصر القادم”، إما لإعتباره المخلص أو لكونه المدرب والمحنك، ولأنه نموذج حديث لجمال عبد الناصر، ويعول آخرون على منافسة حمدين صباحي ليكون الرئيس القادم، إما لإعتباره المناضل والمعارض، أو لكونه الإعلامي والسياسي، أو لأنه المؤمن بنهج عبدالناصر.
ما يمكن قوله، إن الطريق باتت ممهدة والأرض أصبحت خصبة، ودون الدخول في حملات هذا المرشح أو ذاك، هناك أولويات المواطن المصري وهمومه والواقع الذي يعيشه يفرض نفسه ويطرح ذاته، ومربع الإرهاب الذي بات جلياً، والفوضى التي أضحت ساخرة، والإقتصاد الذي كشر عن أنيابه، أي المطلوب دفع الإقتصاد ومواجهة الإرهاب ومحاصرة الفوضى، بينما تبقى مسألة هامة هي رهن اللحظة وفي ملعب “رئيس مصر القادم” وهي دور مصر الإقليمي ودورها العربي في وضع حد لحالة التردي السائدة منذ غياب مصر في دهاليز إتفاقيات كامب ديفيد وما تلاها من إنهيارات وما تواجهه أمتنا من تحديات.
المشير السيسي شدد على أنه يهدف الى توجيه رسائل للمتخوفين من ترشحه، بعدم العودة الى الوراء، والشعب المصري الذي خرج في ثورتين عظيمتين لا يمكن لأحد أن يسيطر عليه أو يتحكم في مصيره، ولن يستطيع أحد استدعاء ما قبل ثورة 25 يناير، ولن يسمح بذلك مهما كانت الظروف أو التحديات، وقال السيسي، “إن مصر تحتاج مبالغ تتراوح ما بين 3 و 4 تريليونات جينه لحل مشاكلها في الوقت الراهن، وهذا لن يتحقق بجهود شخص بمفرده على الإطلاق، ولكن من خلال العمل الجماعي والتعاون المشترك، وأن مصر تواجه تحديات إقتصادية وسياسية وإجتماعية كبيرة، وهناك الكثير من المظالم والمشاكل والقضايا التي تعترض طريق 90 مليون مواطن مصري في الفترة الحالية، لذلك، فإن التحرك لتحقيق التنمية سيتم على محاور عدة هي تحقيق الأمان، وإطلاق القوة الذاتية للمصريين وتحسين مناخ الإستثمار والدعم من الأشقاء والأصدقاء”.
ومع ترشح السيسي للرئاسة المصرية، تبرز في الأفق السياسي علامات إستفهام عدة حول مستقبل مصر في حال فوزة، سواء في مجال العلاقات الخارجية وتحديداً العلاقة المصرية – الأميركية، وموقفه من مسألة “معاهدة كامب ديفيد” والصراع الذي يدور في المنطقة؟، وفي التصريحات الأميركية الأخيرة أثناء زيارة الرئيس أوباما للسعودية، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس: “وجهة نظرنا في شأن مصر هي أن لدينا مصلحة مشتركة مع السعودية في الإستقرار، والولايات المتحدة تريد أن تكون لها علاقة قوية مع مصر.. وحكم ديمقراطي أفضل وسيلة لتحقيق الإستقرار”، وهذه التصريحات تعكس قبولاُ أولياً أميركياً لـ “خارطة الطريق” المصرية، ثم قطع مرحلة أولى هي الإستحقاق الرئاسي، وهذا يعني قلب صفحة سنة كاملة من حكم جماعة “الإخوان” ونظامها.
وما يمكن قوله، إن السيسي أظهر نوعاً من المبادرة والمبادءة المثيرة للتأمل والتحليل، وهو يؤمن بأن طرح القضايا يبدأ من الذات وليس من الآخرين، وكل المؤشرات تؤكد، إنه لن ينتنظر الرضا الأميركي بل سيتوجه الى بناء علاقات إستراتيجية جديدة مع روسيا، وإذا كان سيبحث عن المصالح المشتركة مع العديد من الدول، ما هي أولوياته في هذه الحالة؟ هناك مكافحة الإرهاب وهناك ملف الصراع مع العدو الصهيوني، وإرث “كامب ديفيد” المشؤوم، ربما يكون الجواب عند المصريين الذين عانوا الأمرين خلال الحقبة الماضية.
إرادة شعب مصر فوق كل شيء وهي كفيلة بإحداث نهضة جديدة وعودة مصر الى دورها العربي وهي أحد روافع أمتنا نحو حاضر ينتظرها ليطوي غربتها.
@@@