اليوم لا نريدك أماً كباقي الأمهات، فأنت من علمتنا أن أولى صرخات الثورة الحقيقية تولد من رحمك أنت، أيتها الام الفلسطينية.
نريدك اليوم أن تعلمي امهات العرب والمسلمين كيف يكون الارتباط بالأرض يخطون معك ،تزينّ تراب الامة ببصمات ثابتة، لا تمحوها بندقية جندي محتل تائه، يبحث عن موطئ قدم ، وهو يعلم أن أرضنا لا تحتضن إلا أبنائها.
امهات يمشون معك في الدرب، يعلمن أبنائهنّ حمل بندقية لا ترفع إلا بوجه معتدي، تدريبهن على كيفية بناء احرار يعيشون بعزة وكرامة.
علميهم اليوم خطوات رقصاتك، ليرقص اولادهن على نغمات أهازيج نصرك يوماً، أمنا الفلسطينية لن تكوني ست الحبايب التقليدية التي نرى صورتها تهز سرير طفلها، بل ستهزين دروب النصر في سوريا والعراق ومصر ولبنان بوقع خطوات أقدامك الثابتة.
لن نحتفل بعيدكن في يوم الأم، فانتن لا تستحقنّ يوماً للاحتفاء بكن، لان الزمن يتوقف عند حجارة بيوتكن المهدم، متأملين تعابير وجوهكن، زادت تجاعيد الزمان جمال سمرتكن.
في عيد الام لن أهدي والدتي مع حلول ربيع بلادي وردة تعبر عن حبي، فأشجار السنديان الشامخة، بضياء قناديلها الزيتية، تزين مساءات أمي الساهرة على حلم جديد ووعد بمستقبل افضل من خارج زنازين ظلم حديدية، كافية لتعبر لها عن حبي.
أمي الفلسطينية لا تحتفل بعيدها، كأمهات العالم بشهادات اولادها الجامعية المعلقة على جدران البيت، فقد زينت جدران بيتها القديم شهادات من نوع آخر، لا تعرفها إلا الأم الفلسطينية.
وامي في سوريا ليست بحاجة لألعاب ومفرقعات نارية تطلق في فضاء المدن والقرى السورية الباردة مهللة بعيدها، فقد سمعت الكثير من دويها، يقتل أبنائها الخائفين من رؤيتها تزين قبة السماء.
و أمي في الجولان العربي السوري المحتل ما زالت بانتظار عناق أبنائها، فقد فرقتهم جدران عالية صماء، لم تسمع استغاثات أمي تطلب رحمتها، برؤية أولادها.
على نهر النيل تجلس أمي تستنشق نسائم بحرية نقية، تخلصها من ذكريات مسيلة للدموع رمتها خراطيم مياه لنظام بائد على أجساد أبنائها.
وامي في لبنان لن تكوني نموذج الام الملائكية التي حلمنا بها في الصغر ترفرف بجناحيها البيضاوين فوق سرير اولادها ، يكفي أن تكوني زنبقة بلادي المقاومة ،وسط اهازيج القتل والدمار والارهاب والتكفير.
اليوم لن تستحق امهاتنا تحية، لان انحنائنا لن يكفي إجلالاً لصمودهن الصخري، فعيد تلك المرأة التي حملت بأحشائها انبياء طاهرين ، ومن أحيى نبض عروقها مياه بحر غزة، هي ذاتها التي تلفحت بنسيمات مياه النيل والعاصي وطرطوس ودجلة والفرات…
فعيدهن لم يأت بعد، فما يزلن ينتظرن أشرعة الحرية والكرامة والعزة ترسو في مرافئ مينائهن، لترفرف حمامات تحمل بين أجنحتها شقائق نعمان حمراء إحتفاءاً بعيد امهاتنا جميعا .
^