ما يحدث في أوكرانيا هو البداية، روسيا “فلاديمير بوتين” تتحدى دول الغرب وتنتصر وتحبط خططها، إجراءات ضم شبه جزيرة القرم تمّت من الناحية العملية وتمّ تدشينها في عملية الإستفتاء (يوم 16 آذار 2014) ما نسبته 96,6 % قالت “نعم” لإنضمام جمهورية القرم لروسيا، هذه الخطوة هي إحدى متطلبات الأمن الروسي وهي خطوة بالغة الأهمية، تعني إعادة إمتلاك القرم التي أهداها خروتشوف في القرن الماضي الى أوكرانيا.
تغيرت المعطيات وتغير العالم، البعض من الدول الغربية التي لا يروقها مثل هذه الخطوة الروسية قالت بأن القرم ليست بذات الأهمية، أوكرانيا هي الأصل والأساس في الإستراتيجية الغربية، وكل هذا لا يعني أن الدول الغربية على إستعداد لمواجهة مباشرة مع روسيا تتعدى عقوبات إقتصادية كرد فعل، وهي تتذرع أي الدول الغربية بأنها حصلت على أوكرانيا ومركزها كييف! مثل هذه الذريعة لا تنطوي على أحد، ويمكن القول، كما أن الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة قد أفلست في تعاملها مع الأزمة السورية وبشكل أوضح خسرت الرهان في سوريا، بسبب الإنتصارات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري في تصديه للمجموعات الإرهابية ومن يدعمها وأخرها معركة يبرود وهي بداية النهاية لمشروع الأعداء وتنظيف سوريا من الإرهابين.
ويبدو أن واشنطن المنزعجة أو الغاضبة من فشل مؤتمر جنيف – 2 وضياع الأهداف المتوخاة من إنعقاده، قد دفعها الى تحريك الأوضاع المأزومة أصلاً في أوكرانيا، لكن حساباتها منيت بالفشل، والإنقلاب على الرئيس الأوكراني الشرعي يانوكوفيتش مثّل ذروة التدخل الغربي في الشأن الأوكراني، ومن ثم كان الرد الروسي سريعاً وحازماً في القرم.
ويمكن القول أيضاً، ما حصل في أوكرانيا ليس وليد اللحظة ذاتها، والتوافق الأميركي – الروسي الذي راهن عليه الممثل العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي فشل وخسر الرهان، واشنطن كانت متأكدة أنها خاسرة في سوريا وكانت ترغب في الحصول على الحد الأدنى من سلة الأهداف التي كانت ترغب في تحقيقها وهي إضعاف سوريا أو جعلها بيئة غير مستقرة الى حين وتأمين أمن الكيان الصهيوني، وبالتالي عدم تعظيم النجاحات الروسية في المنطقة وبحيث تسمح لها المرحلة اللاحقة بتحقيق إنجاز ما في أوكرانيا؟
في اللقاء الأخير الذي جمع بين وزير خارجية روسيا وأميركا، سيرغي لافروف وجون كيري في لندن، أوضح لافروف أنه “لا توجد لدينا رؤية مشتركة حول أوكرانيا، وروسيا ستحترم رغبة سكان القرم، ولا يمكن أن يكون لها مشروع لإجتياح جنوبي شرقي أوكرانيا..”
كلمة الفصل قالها لافروف بعد الكثير من النقاش: “إن الرئيس بوتين ليس مستعداً لإتخاذ قرارات تتعلق بأوكرانيا إلا بعد استفتاء القرم”.
يمكن القول، إن مخاطر الدخول في دوامة خطيرة أصبحت واضحة، والإستفزازات أبوابها مشرعة في أكثر من مكان في العالم، وقوى الهيمنة والغطرسة ماضية لتحريك أكثر من ملف علهَّا تعوض ما خسرته من أهداف لم تتحقق في سوريا والمنطقة.