انتهت مفاوضات جنيف – 2 الى الفشل، وهذا كان متوقعاً، ويرى عدد كبير من المراقبين أن الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لإيجاد الحلول المناسبة للخروج من الحالة الراهنة، كما لا يجوز القول إن المفاوضات لم تفضِ الى شيء، فحصيلتها سلبية للغاية بالنسبة لأصحاب المشروع الذي يعادي سوريا وعلى رأسه الولايات المتحدة وعدد من الدول الإقليمية التي سخرت إمكانياتها المادية خدمة لأهداف واشنطن من خلال دعمها اللامحدود لعصابات القتل والإجرام والإرهاب التكفيري بجميع مسمياته وأدواته، ويتضح يوماً بعد يوم مدى وشائج الترابط بين تلك الأدوات وبعض الدول التي تدعي العروبة.
الجديد: أن أصحاب هذا المشروع التدميري باتوا ينظرون الى المفاوضات بأنها وهم وعنوان في غير محلّه، ويبررون الحاجة الى البحث في استراتيجية غربية جديدة بعد أن أصبحت المجموعات المسلحة تقاتل بعضها، وبعد الإرهاب الذي مارسه الكيان الصهيوني ولم يتم وضع حدّ له على المستوى الدولي ولم تنجح الأمم المتحدة في إدانته، هذا شجّع على بروز الإرهاب التكفيري الديني والمذهبي، واجتاح هذا الإرهاب الجديد الحياة المدنية في أقطارنا، واغتال وارتكب حفلات الإعدام الجماعية، وفخّخ وفجّر دور العبادة وأماكن الأفراح ودورة الحياة اليومية في سوريا ولبنان ومصر والعراق واليمن وبقية البلدان…
هذا الإرهاب أصبح له رعاية دولية وإسرائيلية وإقليمية، وبعد جنيف – 2 بدأت تتكشّف الأوراق المستورة تباعاً، وأصبح للإرهاب حاضنة علنية تحميه وتؤمن له البيئة المناسبة.
في الخطاب السياسي للبيت الأبيض الأميركي، الجديد هو التنسيق الإستخباري العملي مع الدول التي تدعم ما يسمى بـ “المعارضة” السورية، لتقوم بإرسال أسلحة متطورة تشمل صواريخ نقالة على الكتف مضادة للطائرات، لذلك اجتمعت الإستخبارات السعودية والإماراتية والقطرية والتركية والأميركية في واشنطن أخيراً لبحث توطيد دعم “المعارضة” في إشارة الى تحول أميركي إزاء المسألة السورية، ومن هنا جاء الحديث عن إقامة ممرات إنسانية من خلال المعونات عبر الحدود، وهناك الزيارة المقررة للرئيس الأميركي باراك أوباما الى السعودية أواخر الشهر المقبل (آذار)، وتبنّت الرياض مواقف جديدة أكثر صرامة ضد مواطنيها الذين يشاركون في القتال في سوريا بغية تحقيق أهداف معينة وكإجراء احترازي لتداعيات الفشل وعودة هؤلاء الى بلدانهم، وإفساح المجال أمام شراكة الولايات المتحدة “في الحرب على الإرهاب في سوريا” كما قيل، أما الهدف الحقيقي فهو محاولة الحد من الإنجازات والإنتصارات التي يحققها محور المقاومة وحلفائه الذي وطّد نجاحاته وبدأ يفرض الحل السياسي كما يراه.
ومن هنا بدأ الحوار بين السوريين من خلال لجان المصالحة التي تتكرّس بتسارع، ومثل هذه التطورات تقلق مَن أشعل النيران من تلك الدول التي تآمرت على سوريا وشعبها.
وهنا علينا ألا نفرق بين الإرهاب التكفيري وإرهاب الدول التي تؤمن البيئة الحاضنة لإستمراره ومهما كانت المسميات…!