مع اقتراب انتهاء الأشهر التسعة التي حددها الراعي الأميركي لإستئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، بدأت تتضح معالم التسوية التي يسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إليها، هذه التسوية ستنتقص من الحقوق الوطنية الفلسطينية، فهي الفرصة الأميركية – الإسرائيلية المثلى لتحقيق إنجاز لصالح “إسرائيل” يؤدي الى تصفية القضية الفلسطينية وخاصة في ظل وضع عربي متردي للغاية وواقع يضغط على الفلسطينيين إقليمياً ودولياً بشتى أنواع الضغوط والإبتزاز، مثل هذه التسوية ستحقق المصالح الأميركية والإسرائيلية.
هذه اللحظة تقترب بسرعة وإتخاذ القرار الأميركي بشأنها أصبح جاهزاً للإعلان، والإتفاق المفروض سيطبق على مراحل، وسيركز على البنود المتفق عليها، وكل طرف بمقدوره التحفظ على بعض بنود الإتفاق حتى يتمكن الطرفان من مواصلة المفاوضات.
ورغم أن الإتفاق لا يحظى بموافقة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. هذا من الناحية النظرية والمعلنة، إلا أن خطورته تكمن في أنه يضمن استئناف المفاوضات الى ما بعد نيسان 2014، وما يعنيه ذلك من إضاعة المزيد من الوقت الذي تستغله “إسرائيل” لتعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان، ولكون تمديد المفاوضات يقطع الطريق على بلورة خيارات وبدائل أخرى.
وإتفاق الإطار هذا، سيقدم مرجعية جديدة، بعيداً عن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ولا يتضمن اتفاقاً فورياً على كل القضايا، ولكنه يشمل نتائج المفاوضات والتنازلات التي تم تقديمها، وخصوصاً تلك التي قدمها الجانب الفلسطيني منذ أوسلو 1993 ومؤتمر كامب ديفيد عام 2000 وخريطة الطريق ومؤتمر أنابوليس وما بعده والمباحثات الاستكشافية، فقد تضمنت المفاوضات سلسلة كبيرة من التنازلات، مثل الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي وتقسيم الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وضم الكتل الاستيطانية، والدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح والترتيبات الأمنية، ولا تنتهي بالحل المتفق عليه لقضية اللاجئين، الذي يجعلها قضية تفاوضية تتحكم بها “إسرائيل”، وليست حقاً من المفترض التفاوض من أجل تطبيقه لا تصفيته.
ليس صحيحاً ما يقال بأن هذه المفاوضات انهارت ولم يتم التوصل الى إتفاق أو إحراز أي تقدم، فهي قطعت شوطاً واسعاً، ويحاول وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن يوثقه حتى يمكن البناء عليه، وصولاً الى اتفاق يصفي القضية الفلسطينية من جميع جوانبها وأبعادها.
الحل الأميركي – الإسرائيلي في “إتفاق الإطار” هو حصيلة القواسم المشتركة بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، ويتم تخريجه على مراحل متتالية، وما يقال عن خلافات أميركية – إسرائيلية فهي غير موجودة أصلاً، وإنما هي مجرد ستارة تغطي هذا الإتفاق على حساب الحقوق الفلسطينية.
المطلوب من الشعب الفلسطيني وقواه الحية، المبادرة لبلورة استراتيجيات قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر وإبقاء القضية الفلسطينية حية، والحفاظ على الحقوق والمكاسب وتقليل الأضرار والخسائر وهذه المرحلة هامة وتبدأ بمنع تمرير أي اتفاق ينتقص من الحقوق الفلسطينية، والسعي لإنهاء حالة الإنقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس كفاحي ووطني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة وشراكة وطنية حقيقية تعيد الإعتبار للأهداف التي انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة من أجل تحقيقها.