حاول أعداء سوريا تزوير المشهد السوري واستخدام الإعلام المضلل كوسيلة لتحقيق مآربهم، ولكنهم فشلوا بفضل صمود سوريا وشعبها وقيادتها، وبعد أن رفضوا إعلان مؤتمر جنيف – 1 لعام 2012 كرزمة واحدة وبأولوياته، حاولوا تجزئة القضايا وتغيير ترتيب الأولويات في مؤتمر جنيف – 2 الذي عقد في 22 كانون الثاني 2014 وكلنهم فشلوا أيضاً عندما وضعوا جملة من التناقضات على طاولة المؤتمر.
والتناقض الصارخ كيف لدول دعمت الإرهاب في سوريا، ومنها أميركا وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول الإقليمية أن تشارك في أعمال المؤتمر؟ وكيف يمكن اعتبار مثل هذه الدول ” جزء من الحل”؟ هذه المشاركة سابقة خطيرة، كيف يتم دعم مجموعات مسلحة لمواجهة الحكومة الشرعية ثم عقد مؤتمر دولي لاستبدالها؟، هذا يعني تجاهل المواثيق والقواعد الدولية ليحل محلها معارضة تمّ صناعتها في الخارج استناداً الى رغبات دول تكن العداء لسوريا ولشعبها ولدورها في المنطقة.
بأي قانون دولي دعت أميركا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن و60 دولة تحمل الرؤية الأميركية لإرساء “مرحلة انتقالية مطلقة الصلاحيات”؟، هل أصبح العالم مزرعة أميركية؟.
هذه المساعي الأميركية هي انقلاب على القوانين الدولية وكل المفاهيم المتعارف عليها والناظمة للعلاقات الدولية، وهذا ما يهدد أمن الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وشعوبها.
لقد شابت مؤتمر جنيف – 2 تناقضات كثيرة أثرت في نتائجه، وأبرز هذه التناقضات، تعود الى المشاركين الذين يمكن تقسيمهم الى:
الفئة الأولى من الدول ونسبتها 20 في المئة، وهي من الدول المعنية بالملف السوري، وهي غالباً ما أدت دوراً سلبياً في السنوات الماضية بدعم الإرهاب في سوريا، فمن أين لها أن تلعب دور الحكم وتقدم الحل؟!
أما الفئة الثانية ونسبتها 80 في المئة، وهي من الدول غير المؤثرة في الملف السوري، وتأثيرها ينحصر في زيادة عدد الدول المؤيدة للمشروع الأميركي في المنطقة وهي التي تدور في الفلك الأميركي.
والسؤال، لماذا لا تدعى أطراف محور المقاومة في أمتنا، للمشاركة في مؤتمر جنيف – 2، وهي الطرف الفاعل والاستراتيجي في تقرير مستقبل المنطقة وهي الحليف الأساسي لسوريا وشعبها، إيران دولة إقليمية فاعلة لها وزنها ومكانتها في المنطقة والعالم وهي حليف أساسي لسوريا في مواجهة الإرهاب.
وأين المعارضة الداخلية مثل “هيئة التنسيق”؟ ولماذا لم تدع الى المؤتمر؟ ولماذا تم استبعادها من قبل الجانب الأميركي؟
وأهم التناقضات، هل لمجموعة مثل “الإئتلاف” تمّ تركيبها على عجل وهي بذلك تحالف ما تمّ الإشارة إليه في إعلان مؤتمر جنيف – 1 من ضرورة حضور “معارضة” تمثل مختلف أطياف الطيف المعارض؟
ذهب الوفد العربي السوري الى مؤتمر جنيف – 2 وسوريا قوية بجيشها وشعبها وقيادتها وتحكم سيطرتها الكاملة على ترابها، وهي تحاصر فلول الجماعات المسلحة التي أصابها التشرذم والوهن، والأميركي بذلك لا يملك أوراق تسمح له بفرض شروطه.
فشل الأعداء في عزل سوريا التي نجحت في نقل الوقائع كما هي وقالت كلمتها بكل قوة واقتدار في مؤتمر جنيف، حضرت سوريا وبرؤيتها وأفقها، وبقي الأعداء في حقدهم وكيدهم يبحثون عن ضالتهم عند الإرهاب الذي صنعوه.
لقد تجاوبت القيادة السورية وحضرت مؤتمر جنيف – 2 وغايتها عدم تفويت أي فرصة لإنهاء معاناة الشعب السوري، ووضعت أمامها مجموعة من الأهداف، وهي استطاعت تحقيق اختراق ديبلوماسي هام في جدار المقاطعة الأوروبية ضدها، وهي بداية لإعادة تنسيق موقع سوريا في العلاقات الدولية، واستخدمت منبر عالمي لعرض القضية السورية على الرأي العام العالمي، وهذا اختراق إعلامي لصالح سوريا وهي خطوة نحو الأفضل من أجل فهم العالم للقضية السورية، وفتح ملف مكافحة الإرهاب رغم محاولات البعض عدم رؤيتهم لواقع الأمور.
لقد مثّل جنيف – 2 خطوة على الطريق لفضح حقيقة ما يجري دون تضليل أو تزوير للوقائع على الأرض، وسوريا ستمضي وبكل السبل الممكنة لإعادة الإستقرار والعمل على إنجاح الحوار بين السوريين أنفسهم لأنه السبيل الأفضل لوأد المؤامرة والحرب ضدها.