يبدو أن الرئيس الأمريكي اوباما قد وصل إلى نهاية الطريق في ما يستطيع أن يفعله في نهاية ولايته الثانية لوضع بصماته على إنجازات داخلية . فالخلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ، بل وداخل حزبه في ما يتصل بالقضايا الجوهرية مثل السيطرة على السلاح، أو الهجرة، أو الضمان الاجتماعي، وغيرها من القضايا الاخرى أوصلته كما يقول المحللون والمراقبون والمقربون منه إلى أن يعدل من طموحاته وسياساته الخاطئة . فهو في الميدان الداخلي أصبح يدرك أنه لا يمكن إلا أن يقبل بدور متواضع حينما يكتب التاريخ عن إنجازاته الداخلية . فهو يأمل كما يبدو أن يزرع بذور التغيير للمستقبل وليس التغيير نفسه .
وهذا أمر مفهوم في وضع دولة فيدرالية كالولايات المتحدة الاميركية التي تجعل تركيبتها السياسية من عمل أي رئيس محفوفة بالقيود من مختلف المؤسسات والأجنحة المتعددة في هيكل النخبة واللوبيات التي تتحكم في مفاصل القرار السياسي . لذلك وبعد فشله في الملف الداخلي يبحث اوباما عن انتصارات خارجية من أجل أن يضع بصمته كما يعتقد في سجل التاريخ . كان هذا مسعى الرئيس” نيكسون” الذي حقق اختراقاً في علاقات بلاده مع الصين، و”كارتر” الذي نجح في إنجاز اتفاق” كامب ديفيد” السيئة الذكر بين مصر والكيان الصهيوني، و”كلينتون” الذي استطاع أن يفرض على الفلسطينيين الكثير من التنازلات وإن لم يتمكن أن يصل في النهاية الى مبتغاه .
اما الرئيس “أوباما” الذي لا يقل طموحه عن طموحات هؤلاء، يعتقد بأن ليس أمامه مجال للمناورة داخل سجلات التاريخ إلا البعد الخارجي . ويبدو أيضاً أن مجال مناورته في هذا البعد لا تتعدى منطقة ضيقة هيالازمة السورية . فهو يريد أن يدخل التاريخ من بوابة دمشق وهو يدرك أيضاً صعوبة هذا المدخل . فاوباما يعرف أنه في هذه المنطقة يواجه مشكلتين جوهريتين هما :الشعب الاميركي الذي ينبذ كل اشكال التطرف والارهاب ، والقوى الدولية الصاعدة وتحديدا روسيا الاتحادية صاحبة حق “الفيتو” في مجلس الامن . هذا الإدراك جعله يحاول قدر الامكان الالتفاف عليهما محاولاً اختراق البوابة السورية ،باعتقاده
ان الوقت الحاضر يبدو ملائما للانقضاض على سوريا في وقت تموج فيه المنطقة العربية بالخلافات القاتلة ، وفي وضع عربي يهيمن عليه التناحر السياسي والتشتت على كل المستويات .
هذه هي معضلة الرئيس الأمريكي في جنيف 1 وجنيف 2 وربما ابعد من كل جنيف واخواتها .
^