إنتهت حالة من الجدل والتكهن بعد أن أخذت من مصر العروبة الكثير من الوقت والجهد، وبعد أن فشلت محاولات مَن حاولوا خلط الأوراق وتزوير نبض الشارع المصري، هذا النبض الذي غُيب في عهد “مبارك” المخلوع بعد أن حاول “الحزب الوطني الديمقراطي” المنحل تغييب النبض الغائب الحاضر، وحاول “حزب الحرية والعدالة” استخدام هذا المفهوم من أجل الوصول الى غايته حيث الكرسي المنشود.
والميزة في نبض الشارع هو أنه لا يسرف في استعراض طاقاته، ولا يغالي في التعبير عن طموحاته، وميزته الأهم أنه لا يسمح لأحد في التخطيط للتدابير من أجل إيقافه أو التحكم في نبضاته.
يوم 14- 15 يناير 2014، قال الشعب في مصر العروبة كلمته وعبّر عن نفسه نهاراً جهاراً، وذلك بإعلان اللجنة العليا للإنتخابات موافقة الناخبين بالإجماع على دستور مصر المعدّل، وقالت الصناديق “نعم للدستور”، أي لم يعد هناك من مبرّر لنزعة الصندقة والحديث عن “الشرعية” التي أرهقت المصريين بلكنة “إخوانية” وداست على شرايين المصريين وظنّت أنها ملكتها.
بعد الإستفتاء، بدأ فجر جديد في حياة المصريين وأبناء الأمة العربية، “خطاب الشرعية ثمنها دمي” انتهى وأصبح من الماضي، ودعم الشرعية لقاء “نصرة سورية” ملتقى التكفيرين ومحفل “الجهاديين” ومجمع الإرهابيين في قلب العاصمة انتهى، وتجاهل المصريين من غير “الإخوان” إنتهى، وخطاب الأفلام التاريخية الخالي من الهوية العربية المصرية انتهى، والتوجه نحو “الإخوة” في الخارج على حساب قضايا الأمة العربية انتهى.
مصر اليوم تسترد أنفاسها وهويتها وتاريخها وعبورها وتضحيات أجيالها، اليوم القلب ينقبض ويدفع بالدماء في الشرايين من دون وعود العيش ومرة بالدق على القلوب بأحاديث الحرية وتلميحات العدالة الإجتماعية.
إجتمع المصريون على دستور “إنقاذ مصر” من براثن مَن فقدوا عقلهم، اليوم يتخلص الوطن من تشويه حاولوا إلصاقه به على مدى عقود، مفهوم قاصر عن الدين باطنه سياسة وظاهره دعوي خيري صحي تعليمي تربوي، واليوم ينفصل الوطن عن كيانات سياسية تلاعبت به ذات عهد بتزوير انتخابات ممنهج تحت شعار نبض الشارع.
نبض الشارع الحقيقي هو الذي يعبّر عن أمة عمرها من عمر التاريخ قالت اليوم كلمتها مع إعلان نتيجة استفتاء المصريين على دستورهم، اليوم تتدفق الدماء في شرايين المصريين وكل العرب رغم أنف مَن هانوا وتآمروا وارتبطوا بالعجلة الأميركية على حساب تضحيات المصريين وأمجادهم.
في مصر العروبة، يعاد تعريف “الإسلام السياسي” من دون خبراء وباحثين ومزورين في الدين والسياسية، الشعب متدين بالفطرة، وبدأت مراجعة مفاهيم “حزب بخلفية دينية” و”دين بخلفية سياسية” و”سياسة ملحقة بالدين”
اليوم ينتخب الشعب بعقله ويختار بقلبه ويحاسب أولاً بأول.