بدأ الراعي الأميركي موسم الحصاد في المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، وهو يعتقد أن الفرصة أصبحت سانحة في ظل الهجمة التي تستهدف جميع القوى الحية في أمتنا العربية والإسلامية، جولة وزير الخارجية الأميركية في المنطقة هي الجولة 11، وجلسات التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بلغت إحدى وعشرين جلسة، ويحاول كيري تسويق ورقة عديمة القيمة والجدوى اسمها “إتفاق إطار” تحمل مبادىء عامة من أجل التفاوض حولها لاحقاً.
والمطلوب من الجانب الفلسطيني المفاوض القبول بورقة التفاوض تلك التي تعطي الكيان الصهيوني ما لم تمنحة إياها أي أوراق أميركية أو دولية أخرى في الماضي في ما يتعلق بمنطقة الأغوار ومناطق أخرى بينما تقيّد السيادة الفلسطينية على كامل أراضي الضفة الغربية، والهدف نهب منطقة الأغوار تحت ذريعة حماية أمن الكيان الصهيوني، أما الذرائع فهي واهية: حماية “إسرائيل” من أي هجوم “عربي” من المشرق، وكانت “إسرائيل” قد زرعت في الأغوار حوالي عشرين مستوطنة لفرض أمر واقع، وصادقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون لضم منطقة الأغوار الفلسطينية الى السيادة الإسرائيلية ولفرض القانون الإسرائيلي عليها، وللعلم تشكل منطقة الأغوار ما مساحته أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية.
ومن بين أهداف الراعي الأميركي تأمين أمن الكيان الصهيوني من خلال إقامة كيان فلسطيني من خلال تجميل لمجموع التكتلات السكنية الفلسطينية التي تمّ عزلها على مدار عشرين عاماً من المفاوضات وأصبحت مقطعة الأوصال، وهو قائم على أساس سلطة يمكن السيطرة عليها عسكرياً ومدنياً لتبدو كياناً، إلا أنه لا يحمل مكونات الكيان إلا إسمه.
والهدف هو تحقيق المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة، وتمّ طرح منطقة الأغوار بصفته الملف الأكثر صعوبة في التفاوض بإعتبار الأغوار هي الحصن لأي كيان يقع غرب نهر الأردن والضمانات الأمنية بمنطقة بسيطرة إسرائيلية بوجه أميركي، وكذلك إشغال المفاوض الفلسطيني بمنطقة الأغوار هو عملية تضليل أيضاً تمارسها الولايات المتحدة للتغطية على الملفات الأساسية مثل القدس واللاجئين والحدود والمياه وغيرها من الملفات الأكثر صعوبة، وبحيث يظهر الإنجاز في ملف الأسرى وكأنه انتصار فلسطيني في مقابل إهمال الملفات الأساسية في التفاوض والتي تؤثر على مصير القضية الفلسطينية وسط انشغال المحيط العربي بقضاياه، وفي وقت تتعرض فيه سوريا وقوى المقاومة في أمتنا لأبشع هجمة شرسة وبكافة الأشكال الهادفة الى إضعافها وتتزامن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مع انعقاد مؤتمر جنيف – 2 في 22 كانون الثاني 2014 لم يأتِ صدفة والهدف تجزئة القضايا والإنفراد بالجانب الفلسطيني وسحب الورقة الفلسطينية نهائياً من جانب القوى الحية التي مازالت تحمل لواء القضية ومركزيتها.
وفي موسم الحصاد الأميركي والصهيوني، يحاول كيري تتويج جولاته المكوكية بانتزاع تنازلات من الجانب الفلسطيني المفاوض من خلال خطوتين متكاملتين، إقامة “كيان فلسطيني” منزوع السلاح والسيادة تقطعه المستوطنات من دون القدس، ومن دون حدود، ومن دون إعادة اللاجئين، وتأمين أمن الكيان الصهيوني وخطوة أخرى تتمثل بتحقيق اعتراف فلسطيني وعربي بيهودية “إسرائيل” تمهيداً لتهجير أكثر من مليون ونصف فلسطيني من مدنهم وقراهم من فلسطين المحتلة عام 1948، وتحت عنوان مبادلة أراضٍ، تتغلغل هذه الفكرة في الوعي الأميركي تمهيداً لعملية تهجير جديدة تطال الفلسطينيين، في وقت يقاتل “العرب” الى جانب الكيان الصهيوني سراً وعلانية ويحاولون هدم ما تبقى من قوة الأمة وعنوان عزتها وكرامتها من خلال استهدافهم سوريا والمقاومة في أمتنا العربية والإسلامية.