هل نبدأ من جنيف – 2 المقرر في نهاية كانون الثاني 2014؟ أم نسأل كيف الوصول إليه؟ كل الطرق ستصل الى جنيف – 2 وهذا أمر مفروغ منه بالتأكيد، لكن من سيحضر هذا المؤتمر؟ في التعميم إجابة معرفة وفي التفاصيل مفردات مجهولة.
في سوريا “قلب العروبة النابض” الإرهاب يضرب في كل مكان، وتنظيمات إرهابية ترفع شعارات معلنة تبعيتها لتنظيم “القاعدة، وشعارات إسلامية والإسلام منها براء، وشعارات لا تأتي على ذكر الأوطان وهويتها، ولا تشير الى العدو الصهيوني أو الإستعمار بأشكاله المتخلفة، بل تستولد حروباً وتستنزف قدرات الوطن والأمة وتفتح الأبواب على مصراعيها أمام الهيمنة الأجنبية من خلال إضعاف البلاد وتدمير مقومات الدولة.
وفي المقابل هناك مَن يتمسك بكرامة الوطن ويقدم التضحيات ويمتلك الوعي والإصرار على مقاومة الهجمة بكافة أبعادها.
المسائل الأساسية المتعلقة بمؤتمر جنيف – 2 لن تطرح إلا على طاولة المؤتمر حيث لا توافق بين الأطراف حولها، الضوء الوحيد الذي بدا في آخر النفق كان مصدره إتفاق الإطار الأميركي – الروسي إزاء السلاح الكيماوي وجدوله الزمني ينتهي قبل حزيران 2014، وفي المبدأ هذا الجدول، أعاد صياغة سلم الأولويات، وسوريا بذلك شريكة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة في تطبيق برنامج الترسانة الكيماوية.
ونفرض جدلاً وهذا أقرب الى الواقع الملموس، أن الظروف الأمنية وغياب الإتفاق السياسي على ما يسمى المرحلة الإنتقالية وهي تعبير مجازي، ستظل تلك على حالها وفي النتيجة الدولة السورية باقية بكل مكوناتها وهويتها “شاء من شاء وأبى من أبى” وهذا ما أوضحه وزير الخارجية السورية وليد المعلم بقوله: “كفى أوهاماً فنحن نذهب لنرى مَن يرفض من المعارضة التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا ويرفض الإرهاب ويعمل من أجل صنع سوريا المستقبل”.
وهذا يعني أن مؤتمر جنيف – 2 سيركز على أولوية مكافحة الإرهاب، ووقف تمويل الإرهابيين وتدريبهم وإيوائهم قبل البدء بالحل السياسي، ووافق مسؤولون روس على هذه المقاربة من خلال تأكيدهم بضرورة “توحيد الحكومة والمعارضة في مكافحة وإعطاء الأولوية لمحاربة المتطرفين والإرهابيين”، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي قال: “إن الدول الغربية باتت تدرك خطورة المتطرفين، وبين هذا وذاك، أبلغ مسؤول أميركي وفداً من المعارضة “أن الحكومة الإنتقالية المزمع تشكيلها، يجب أن تكون مهمتها الإعداد للتحول الديمقراطي ومكافحة الإرهاب”.
وعليه، فإن جنيف – 2 هو محطة على الطريق ولن يكون أكثر من مناسبة إعلامية ستشدد على محاربة الإرهاب، وهو مناسبة لا بد منها لتطلق مساراً سياسياً يعقبه جنيف – 3 وجنيف – 4، ومسار لن يحقق نتائج سريعة بل سيكون عملية تدفع الأطراف المعنية المحلية والإقليمية والدولية الى التفكير في شكل سياسي، أن عودة الأطراف الى السياسة بعد أن فشلت الحرب الكونية التي شنت ضد سوريا، وخواتم الأمور متعلقة بتطورات أخرى في المنطقة، وأن استمرار الصراع بأشكال جديدة على مستوى المنطقة، له علاقة بنتائج المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية والمفاوضات الإيرانية – الغربية وبتوازن القوى الجديدة في المنطقة والعالم، الجميع ينتظر، لكن مستقبل سوريا يصنعه أهل سوريا بجيشها وشعبها وقيادتها، إنها عملية تراكمية، وسوريا ستخرج من الأزمة وهي أكثر قوة ومنعة وستظل رأس الحربة في مواجهة المشاريع الإستعمارية وأدواتها في المنطقة.