التوازنات الراهنة في المنطقة، وفي الإطار الدولي لن تبقى كما عليه الآن، قراءة اللحظة تختلف عن رؤية المستقبل، الأوضاع في تطور مستمر، لكن من خلال رصد بعض المؤشرات يمكننا قراءة مسار التحولات الجارية والبناء عليها.
في المشهد السياسي، حقّقت سوريا إنجازات قياسية هائلة خلال عام 2013، وهذه النتائج تشكّل الأرضية أو الفرضية التي تمثل الواقع الحالي، وإذا حاولنا تبسيط ما يجري لإستطعنا أن نقرأ ما ستكون عليه الأمور في عام 2014 أو على الأقل الصيف القادم الذي سيكون حاسماً لجميع ملفات المنطقة.
أما عن النتائج المتوقعة خلال الفترة المذكورة يكفي أن نقرأ اللحظة الراهنة بتحولاتها وإنجازاتها ومعادلاتها، وهذا من شأنه أن يعطي فكرة لما ستؤول عليه الملفات في أكثر من مكان في الإقليم.
سوريا قلب العروبة وستظل كذلك وهي مركز القرار في أمتنا لذلك يشتد الصراع من أجلها، وهي التي نجحت في تحقيق تقدم مهم في تجفيف منابع الإمداد لزمر الإرهاب في كافة المناطق في غرب سوريا وجنوبها ووسطها.
والتفاهمات الأميركية – الروسية بشأن الكيماوي السوري، اتضح بأنها “صفقة” متكاملة فرضتها “اللحظة الراهنة” صمود سوريا ونجاحها في إفشال جميع الخطط الاستعمارية الهادفة لإضعافها وتفكيكها، فرض على الإدارة الأميركية إسقاط خيار القوة والبحث في حل سياسي للأزمة وترك خريطة الطريق للجانب الروسي ورئيسه فلاديمير بوتين الذي استطاع أن يشكل “دينامو” الحراك في المنطقة وصانع نقاط التقاطع التي خلقتها التوازنات الجديدة، وهذا من شأنه أن يشكّل عاملاً أساسياً في حل كل المسائل الشائكة المؤثرة في النهاية في إعادة تشكيل منطقتي المشرق والخليج وستكون سوريا مصدر القوة ومركز الإنبعاث للجانب الروسي في سعيه تحقيق نوع من الإستقرار في المنطقة.
وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي صرح بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى القاهرة “بأن بلاده متجهة الى العمل مع الروس لأنه لم يعد في الإمكان الإعتماد على واشنطن” وسبق ذلك تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لمصر التي تبلغ 260 مليون دولار، ونتج عن هذا التحول السياسي زيارات متواصلة بين موسكو والقاهرة، تبعها مفاوضات هادئة أثمرت مساعدات عسكرية روسية قيمتها 4 ملايين دولار.
ومع اقتراب تاريخ استحقاق موعد ترسيم حدود جديدة لكل دول الشرق الأوسط، المنطقة بأسرها تغلي، والعراق أصبح يقترب أكثر فأكثر من سوريا في الجانب السياسي، وإفرازات الحرب ومضاعفاتها والعلاقة الوثيقة مع محور المقاومة تسارع في بلورة مواقف موحدة من مختلف القضايا الإقليمية.
وتبدو فيه المعركة الدائرة على مختلف الصعد وكأنها مرحلة “كسر عظم” بحيث تبدو الساحات جميعها قد أصبحت مفتوحة على كل الإحتمالات، حالة القلق والترقب هي السائدة وعام 2014 سيكون عام الحسم لأكثر من سبب، ستبدأ السلسلة بجنيف – 2 ولن تنتهي بالإنتخابات أو الفراغ هنا أو هناك، وسائل القتل والدمار هي اللغة السائدة الى حين! والمرحلة الراهنة مرشحة لأن تطول، بعض الدول “العربية” بدأت تعمل لإضافة حطب جديد للنيران المشتعلة في المنطقة، أصبحت الحرب هي “حرب وجود” والإنقسام العمودي في المجتمع العربي بدأ يهدد الكيانات القائمة، البعض يلعب على الأوتار الطائفية والمذهبية.
إننا أمام مرحلة مختلفة تماماً، إنه مخاض صعب وخطير، الأمة بأسرها تتعرض لأشرس هجمة في تاريخها.
لكن إرادة الحياة ووعي ما يجري والتصدي وبحزم واستخدام جميع أوراق القوة كفيل بحسم النتائج التي ستكلّف تضحيات كبيرة، وحدة أبناء الأمة وخاصة أولئك الغيارى على حاضرها وغدها كفيل في إعادة إنبعاث نهضتها من جديد، وكنس كل أدوات التخريب ومرتزقة بن صهيون أولئك الذين فرطوا وهانوا وتآمروا ولن يحصدوا إلا الخسران.