في القمة الـ 24 لمجلس التعاون الخليجي في الكويت وقبلها أيضاً، ظهرت خلافات بين أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، وليس صدفة أن يكون هدف القمة “إحتواء إنفراط العقد” بين تلك الدول وتعزيز حضورها الإقليمي مع الإنكفاء الأميركي عن المنطقة ودخول المنطقة على أبواب نظام إقليمي جديد في ظل الموازنات الجديدة.
من الصعب القول، إن تلك الدول تسعى إلى ملء الفراغ الإقليمي الجديد، إنما تحاول الإصطفاف مع أدوار تركية وغيرها بغية إدارة الأزمة وإطلاق رهانات جديدة بعد فشل ما سمي “الربيع العربي” والنكبات والإنقسامات التي خلفها.
في المقابل هناك الجمهورية الإسلامية الإيرانية وما تمثله كأحد أركان محور من عمق محور المقاومة في أمتنا، وهذا فرض على دول مجلس التعاون التعاطي مع الإختلافات وصولاً الى تقاطعات في الشق الأمني، أما في الشق السياسي، فإن التوافق الخليجي ركز على ما جاء في جنيف -1 بالنسبة للأزمة السورية دون أخذ التغييرات التي حصلت والأدوار التي إنكشفت حتى تاريخه.
كان الهدف السعودي المباشر هو محاولة تطوير “مجلس التعاون” وصولاً الى “الإتحاد” بين هذه الدول (السياسي والاقتصادي والعسكري) ومحاولة السعودية الهيمنة وإشراك المجموعة في دفع تكاليف الإستحقاقات القادمة، هذا الأمر رفضته سلطنة عمان وبشكل صريح وقاطع.
مجلس التعاون الخليجي عقد قمة ليست اعتيادية، والخلاف العماني مع السعودية ليس مجرد زلة لسان، ولا هو حول شكل التعاون الأمني والعسكري بين دول الخليج، إنه إختلاف حقيقي حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأدوارها الإقليمية الصاعدة.
وما قاله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في حوار المنامة” حول الإستعداد لـ “الإنسحاب من التجمع الذي يضم الدول الست إذا أصرت المملكة السعودية على إنشاء “الإتحاد” ليس موقفاً انفعالياً، بل هو موقف سلطنة عمان”، هو قال: “إذا كان هناك أية ترتيبات أخرى فنحن لسنا طرفاً في ذلك، ولا نرغب في أن نكون طرفاً فيه” وهذا ليس اجتهاداً، وإنما سلطنة عمان قررت النأي بالنفس عن مثل هذه الترتيبات، ويبدو أن ما قاله وزير الدولة في وزارة الخارجية السعودية “نزار مدني” عن “ضرورة عدم تمسك دول مجلس التعاون بالسيادة المحلية” أثار حفيظة بن علوي.
وتزامن الموقف العماني مع تأكيد إيران ضرورة فهم موقفها القائم والداعي الى إنشاء جهاز أمني يضم إيران والعراق ودول مجلس التعاون أي أن هناك نظام إقليمي بديل، والمعروف أن إيران وعمان تطلان على مضيق هزمر الاستراتيجي الحيوي إقتصادياً وأمنياً.
ويبدو أن الدبلوماسية العمانية، تسعى الى ملامسة الحس العربي وهي في حاجة الى ذلك وليس الخليجي فقط، بالذات نحو سوريا والدور الإيراني في المنطقة.
وهذا ما أشار إليه أحد أعضاء الوفد العثماني المشارك في قمة الكويت: “إن تدخل إيران العسكري في سوريا له مبرراته التي تدخل في المصلحة الإيرانية، وإن “حزب الله” يحارب في سوريا دفاعاً عن نفسه”.
أما السعودية، فيبدو أنها تسير عكس التيار وكأنها مغيبة عن الواقع في حين تبدو الإدارة الأميركية جاهزة تماماً لقراءة ما يحدث وبدأت عملياً كما أعلنت عن حجب الأسلحة الهجومية والصواريخ المضادة للطائرات عن المعارضة السورية، وهذا ما ينظر إليه حكام السعودية بأنه من أهم التحديات.
قمة الكويت أطلقت الإختلافات المهمة واحتوت المواجهة، فيما كان الأجدى، أن يتم البحث عن استراتيجيات عملية وواقعية دون الوقوع في الرهانات الخاطئة، والسؤال ما الذي يعنيه التوافق الخليجي حول سوريا، وتطبيق جنيف – 1 وفق بيان القمة الخليجية؟ وبقي أن نقول، إن إيران هي أحد أركان محور المقاومة كما هي سوريا و”حزب الله”، وأي تسوية قادمة ستتعاطى مع هذا الثابت الأساسي، وأي معادلة أخرى لن يكتب لها النجاح.