تشهد الساحة اللبنانية صدامات دموية شديدة الصلة بنزاعات إقليمية ودولية مفتوحة، وتنذر بعواقب وخيمة، في ظل حكومة تصريف الاعمال وتعطيل المجلس النيابي والتلويح بامكانية فراغ رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية سليمان في الربيع المقبل .
منذ مطلع الشهر الحالي انفجرت الجولة الثامنة عشرة من القتال في عاصمة الشمال ، بعد اشتعال محاور التبانة وجبل محسن، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة. فكانت المحصلة عشرات القتلى والجرحى، في مأساة عبثية سبقها انفلات تكفيري غير مألوف، طال عشرات الأبرياء من ضحايا التعصب الطائفي،كما ضبطت عناصر من الجيش اللبناني في منطقة البقاع، ثلاثة صواريخ غراد معدة للإطلاق فيما تبدو الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ قرار يحمي سكان بعض المناطق من اعتداءات “جبهة النصرة” المتكررة، بسبب تزايد عدد الجماعات التكفيرية الارهابية واستفحال أزمة اللاجئين السوريين فيها.
على جانب آخر، حذّرت اوساط دبلوماسية غربية مسؤولين لبنانيين من إمكانية تدهور الأوضاع الأمنية بسرعة في لبنان، فكان الرد عبر سلسلة من الفضائح والاتهامات المتبادلة بين الوزراء وتحديدا بين وزيري الاشغال العامة والمالية ،وهي بالحقيقة اتهامات لا تخفي بالطبع عجز الدولة عن مواجهة وضع معيشي وتاقتصادي بالغ الخطورة. هذا فضلا عن تقاعس عدد من الوزارات المعنية عن واجباتها في مواجهة الفتن المذهبية والطائفية المتنقلة في لبنان، بحجة ان الفتن تلقى الدعم المالي والعسكري من قوى سياسية تراهن على نزاعات مذهبية، في ظل خلافات معلنة وصلت حد التصريح العلني بوقوف بعض العرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران.
الاحتقان السياسي والأمني في لبنان اليوم عرضة للتفجير الواسع، وطرابلس المشتعلة تُشكّل خطراً داهماً، فهي منطقة لبنانية ذات خصوصية طائفية معينة بين السنة والعلويين، وشهدت اغتيالات وتفجيرات، وسباقاً على التسلح، واستقدام مسلحين من الخارج، فدخلت أعداد كثيفة من “تنظيم القاعدة” إلى طرابلس ومناطق لبنانية أخرى،من اجل تفجير الاوضاع عبر الاغتيالات والسيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية والتي كان آخرها محاولة تفجير السفارة الإيرانية في بيروت واغتيال القيادي في المقاومة الاسلامية الحاج حسان اللقيس .
وفي هذا المجال تحدث خبراء امنيون عن مخطط مشبوه تقوم به جماعة “جبهة النصر “وحركة “داعش” أو “الدولة الإسلامية في العراق والشام” الموجودين بكثرة في مخيم عين الحلوة في صيدا ، لربط أحداث طرابلس بمعركة القلمون المستعرة في سوريا، وبدأت تباشير صدامات دموية مع حركة فتح وفصائل فلسطينية أخرى، لجعل لبنان ساحة صراع مفتوح على شتى الاحتمالات.
وهذا ما اكدته تقارير صحافية التي تشير إلى زيادة كبيرة في عدد عناصر القاعدة الذين دخلوا لبنان وباتوا بالآلاف، وهم من جنسيات مختلفة عربية وغربية، مع وجود كتيبة من مقاتلي الشيشان،وعن عن وجود سيارات مفخخة منتشرة في معظم المناطق اللبنانية، مما استدعى استنفاراً واسعاً في صفوف القوى والاحزاب السياسية منعا لتفاقم الاوضاع والتصعيد الامني حتى مؤتمر جنيف الثاني، الذي تحدد موعده في الثاني والعشرين من يناير 2014، والذي يُمثّل محاولة دولية لحل الأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية.
^