يستمر العدو الصهيوني في مخططاته ومشاريعه التوسعية على حساب الأرض العربية الفلسطينية من خلال عمل مبرمج طويل الأمد ويعتمد على اغتنام الفرص السانحة لزيادة نهبه للأرض وتغيير تركيبتها الديمغرافية.
هذه المرة اختار العدو إطلاق مشروعه التهويدي في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الوطن العربي من قوى الاستعمار بأشكاله القديمة والحديثة ومن خلال الفوضى الهدامة وتمزيق الكيانات القطرية واحدة تلو الأخرى من أجل إضعاف قدراتها الذاتية ليسهل عليه فرض سيناريو جديد لتقسيم تلك الكيانات من جديد.
وليس صدفة أن يقر الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى في 24 حزيران الماضي 2013 قانوناً لتهجير سكان عشرات القرى البدوية في النقب، ويتضمن تجميعهم في ما يسمى “بلديات التركيز”، وتزامن إقرار الكنيست مع بداية مفاوضات جديدة مع السلطة الفلسطينية بهدف تأمين مظلة ليتستر بها العدو أمام العالم أجمع، وسيتم سن القانون نهائياً خلال الأسابيع القادمة، هذا المخطط يهدف الى نهب ما تبقى من أراض في حوزة أهالي النقب، إذ سيتم مصادرة نحو 800 ألف دونم (أي نصف الأراضي التي بقيت لهم بعد المصادرات التي تمت عام نكبة 1948، وتهجير ما بين 40-75 ألفاً من 34 قرية يحرم العدو ساكنها من أبسط الحقوق الفردية والجماعية ومقومات الحياة من بنى تحتية وأي خدمات.
إن من بين أهداف مخطط “برافر” مصادرة الأرض وتغيير تركيبتها الديمغرافية، يعني أن يعيش العرب الذين يشكلون 30 في المئة من سكان النقب على 1 في المئة من أراضي النقب.
وتدعي حكومة العدو الصهيوني، أن الغرض من مخطط “برافر” هو تسوية النزاع المتواصل بين أهالي النقب والسلطات الإسرائيلية في شأن ملكية الأراضي في النقب، بينما يؤكد أهالي النقب، أن المخطط واضح ويهدف الى نهب ما تبقى في حوزتهم من أراض، وأيضاً سيلجأ العدو الى تأجيج الصراعات الداخلية وإختلاق الخلافات بين المجموعات المختلفة التي تطالب بتثبيت ملكيتها على أرضها، وذلك عن طريق تحويل ملكية أراض تتبع لمجموعة معينة، الى مجموعة أخرى من المواطنين، وبذلك قد يتسبب بإثارة الأقتتال والنزاعات الداخلية.
إن تمرير مخطط “برافر” سيمثل نكبة جديدة، وسيفتح الأبواب لمخططات تهجيرية أخرى تطال الشعب الفلسطيني في الجليل والقدس ومناطق أخرى في الضفة الغربية، وذلك استمراراً لنظام الاحتلال القائم على مصادرة الأرض وتهويدها وطرد سكانها والسيطرة والتمييز العنصري الرامي الى إقامة “إسرائيل الكبرى”.
إن الإجراءات الإسرائيلية في النقب مثلها مثل الإجراءات ضد الشعب الفلسطيني في كافة مدن فلسطين 1948، وكتلك التي تنفذ في القدس والضفة الغربية هي وحدة واحدة، ما يؤكد بشكل أعمق وحدة نضال الشعب الفلسطيني، فالشعب واحد والأرض واحدة والقضية واحدة والعدو واحد.
إن محاولة العدو تمرير مخطط “برافر” في هذا الوقت، لم يأت جزافاً وإنما هي فرصة سانحة التقطها، وفي ظل الوضع العربي المتردي للغاية، وفي ظل مفاوضات عبثية لا طائل منها، والمستفيد الوحيد هو العدو الذي يمضي في مشاريعه الهادفة الى تغيير التركيبة الديمغرافية للأرض العربية الفلسطينية وتهويدها.
لقد آن الأوان لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس كفاحية عنوانها إعادة الإعتبار لخيار المقاومة طريقاً لتحرير الأرض وبناء استراتيجية فلسطينية جديدة من خلال قراءة الأحداث والوقائع برؤية واضحة وتقييم للمرحلة السابقة وحشد القوى الحية، وهذا أقل ما يمكن عمله في ظل الأوضاع الراهنة.
إن نذر إندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة بدأت تلوح في الأفق، وهي تتطلب الإستعداد واستخدام طاقات شعبنا خدمة لهدف التحرير والعودة، وعدم الإنتظار الذي لا يخدم قضية عمرها قرن من الزمن.