بعد أن اندلعت معركة القلمون على الجانب السوري، تدفقت موجات جديدة من الجماعات الارهابية المسلحة إلى المناطق اللبنانية، فزاد حجم تواجدهم في لبنان، ويتوقع أن يزداد عددهم ، في حال احتدمت المعارك في مناطق القلمون ، مما يطرح أعباء امنية إضافية على الساحة اللبنانية، التي ما انفكت تشهد حوادث امنية و سجالات عقيمة بين الفرقاء السياسيين ، لا يستطيعون التلاقي أو التوافق على الحد الأدنى من تحمل المسؤوليات الوطنية والإنسانية.
فالتفجير المزدوج الذي استهدف مقر السفارة الإيرانية في بيروت في 19 نوفمبر 2013، أدخل لبنان في مرحلة جديدة مرشحة للتصعيد بعدما تبناه “تنظيم القاعدة”. وقد فسره المراقبون بأن القاعدة وجهت رسالة مباشرة إلى إيران و”حزب الله” في ، مفادها أن قواعد اللعبة هي الآن قيد التغيير، فلم يعد بالإمكان تحييد لبنان عما يدور في سوريا من قتال ومواجهة التكفيريين فيها.
انطلاقا من ذلك تتخوف اوساط من اعصار مدمر يقترب من لبنان، وستزداد قوته التدميرية مع تفاقم القتال العسكري في سوريا، وستكون للسيطرة على منطقة القلمون تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانية. أي أن الغزوة الارهابية ضد السفارة الايرانية في بيروت، تندرج ضمن سلسلة من التفجيرات تقود ربما إلى عرقنة لبنان، وإضعاف “حزب الله” لمنعه من المشاركة في القتال إلى جانب النظام السوري، ولتشكيل رأي عام لبناني ضاغط لتحييد لبنان عن الصراع العسكري الدائر في سوريا، وهناك مؤشرات عدة تؤكد هذا المنحى.
اما من جانب الدولة اللبنانية فتبدو انها عاجزة عن حماية حدودها واخفقت عن تجفيف البؤر الارهابية في الداخل ، وما زالت قوى 14 آذار في موقع المتفرج على الأزمة السياسية المستفحلة التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة، وهم أسرى الانتظار غير المجدي لحلول مرتقبة للأزمة السورية، التي دخلت بعد تأجيل الإعلان عن موعد مؤتمر جنيف الثاني، في بازار المفوضات الدبلوماسية لإيجاد حلول شاملة لأزمة الشرق الأوسط، ومعها أزمة السلاح النووي الإيراني.
هناك من يراهن على صفقة سياسية شاملة، للتوافق على رئيس جديد للجمهورية وقانون جديد للانتخاب وحكومة جديدة، أو يدخل لبنان في فراغ شامل يصعب الخروج منه دون تسوية ايرانية – سعودية مدعومة دوليا، على غرار اتفاق الطائف أو اتفاق الدوحة.
^