يوم الأحد 24/11/2013 أصبح فجراً جديداً ونصراً حقيقياً حققته الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مفاوضاتها النووية مع الدول الكبرى “السداسية” (5+1) وبعد مفاوضات صعبة حصلت إيران على اعتراف الدول الكبرى في حقها تخصيب اليورانيوم وإلغاء الحظر المفروض على إيران، وفي الإتفاق سيبقى التخصيب كما كان في السابق وستواصل منشآتها النووية العمل والدول الكبرى أعلنت في نهاية التفاوض، أن الإتفاق سيفضي الى رفع العقوبات تدريجياً، وإيران ستلتزم بالإتفاق الذي تمّ توقيعه في جنيف وسيكون هناك مفاوضات على إتفاق شامل دافعت إيران عن حقها في إمتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، والوكالة الدولية صرّحت بأن النشاط النووي الإيراني هو نشاط سلمي.
وفي مضمون الإتفاق إيران تعهدت بوقف التخصيب اليورانيوم بنسبة 20% مع استمرار التخصيب بنسبة 5%، ومخزون اليورانيوم أكثر من 20%، سيتم استخدام نصفه كوقود في المفاعلات النووية والنصف الآخر سيتم تمييعه الى نسبة تخصيب 5%.
وسيتم رفع العقوبات المفروضة ضد إيران جزئياً وعدم فرض عقوبات جديدة خلال فترة الأشهر الستة، والإبقاء على مبيعات النفط الإيرانية وتأسيس قناة مالية لتسهيل التجارة الإيرانية، وتحرير فوري لـ (8 مليارات دولار) من الأموال الإيرانية المجمدة لدى الإميركيين.
والسؤال، ما الذي يعنيه هذا الإتفاق؟
حصلت إيران على إعتراف الدول الكبرى بحقها في امتلاك الطاقة النووية، وفشلت سياسة العقوبات المفروضة ضد إيران وتمّ إثبات أن الدبلوماسية هي خير وسيلة لحل النزاعات الدولية، ورغم أن الإتفاق هو خظوة أولى وهامة وستعقبها خطوات لاحقة للوصول الى الإتفاق الشامل، إلا أنه إتفاق تاريخي سيكون له ما بعده.
الصين رأت في الإتفاق بأنه هام وسيصون السلام في الشرق الأوسط، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى بأن الاتفاق يعتبر اختراقاً لكنه خطوة أولى، والرئيس الإيراني حسن روحاني قال: إن إتفاق جنيف يصب في مصلحة دول المنطقة ومصلحة السلام العالمي، وستكون هناك مفاوضات بشأن اتفاق شامل ونهائي.
والإتفاق يعني أن إيران دخلت منتدى الدول النووية تحت مظلة عالمية بعد سنوات من المعاندة والمكابدة.
بالتأكيد، إن الإتفاق يمثل نصراً تاريخياً لإيران ولمحور المقاومة وهو يصب في مصلحة الشعب الإيراني ومصلحة المنطقة بشكل عام، وهو انتصار لثقافة الاستقلال وحدث هام ومفاعيله الإيجابية ستنعكس إيجاباً على الأوضاع في سوريا، لأن إيران هي أحد أركان محور المقاومة، ومن هنا سيتعزز الدور الإقليمي لإيران في المنطقة وأبعاده العالمية، والإتفاق أسقط ثقافة الخوف من طهران تلك التي روج لها الكيان الصهيوني، وهذا الإتفاق يشكل بداية النهاية للسيطرة الآحادية الأميركية على العالم.
والإتفاق يعني أن الدول الكبرى “السداسية” قد غيرت طريقة تعاملها مع إيران وأصبحت تتعامل بطريقة حضارية ومن شأن ذلك أن يقود الى سحب الأساطيل الحربية من المنطقة، وكل الأنظار تتجه لمحاربة الإرهاب، وهذا يعني أن الديبلوماسية فتحت طريقاً نحو عالم أكثر أماناً.
وفي أبعاد هذا الاتفاق، انتصر محور المقاومة وسقطت كل الدعوات لعزل سوريا عن إيران أو عن قضايا الأمة وفي القلب منها القضية الفلسطينية، وسنشهد لاحقاً ترجمة فعلية للإتفاق في سوريا من خلال طرح مبادرات حل سياسي للأزمة السورية وعن طريق الحوار.
وحدها “إسرائيل” رأت في إتفاق جنيف بشأن النووي الإيراني بأنه خطأ تاريخي وأكبر انتصار ديبلوماسي لإيران، وحاولت منع هذا الإتفاق من المرور وكانت تريد ثمناً باهظاً في فلسطين وتحقيق مكاسب من المفاوضات الجارية، وفشلت “إسرائيل” التي كانت تهدف لإزالة المشروع النووي الإيراني بأكمله وإزالة بنيته التحتية.
والسؤال هنا، هل نحن أمام تصعيد المواجهة مع الدول التي تدعي أنها متضررة من الإتفاق، تلك الدول التي راهنت على توجيه ضربة ضد سوريا وفشلت وراهنت على جر العالم لشن حرب ضد إيران وفشلت أيضاً.
وبقي أن نقول، إن هذا الإتفاق فريد من نوعه وخطوة مهمة لكن المسار مازال طويلاً وشاقاً، وتبقى الأيام والجولات المقبلة هي حسام الفصل لتثبيت صوابية خيارات الدول الكبرى أهي الدبلوماسية أم الحروب؟