في خضم التحولات المحلية والاقليمية والدولية الجارية يكثر الحديث في لبنان عن خارطة طريق تقضي في مسارها للانتهاء من مرحلة اتفاق الطائف والشروع في تأسيس طاولة حوار بين اللبنانيين وعلى جدولها الكثير من المواضيع التي تتعلق حول كيفية قيام مؤسسات ديمقراطية للجمهورية اللبنانية عن طريق تعديل الدستور ومن بعده اجراء انتخابات مجلس للنواب ثم انتخاب رئيس للجمهورية.
ورغم كل الظروف والصعوبات والأحوال الاقتصادية والسياسية والأمنية المضطربة إلا أن اللبنانيين يشتاقون لبناء دولة اذ كفاهم هدر سنوات طويلة ضاعت هباء من عمر هذا الوطن.
ولكن أصعب ما يواجه خارطة الطريق هو الفراغ السياسي في الشارع بعد ان وصلت عدد من الإحزاب والقوى السياسية الى طريق مسدود في عملية اجتذاب المواطنين واستيعاب طموحات الآلاف من الشباب الذين يخرجون في مسيرات ويحدوهم الامل في بناء دولة ديمقراطية بمؤسسات قوية منتخبة تعبر عن الناس واختلافاتهم.
المطلوب ان لا يبقى المواطن يعاني في أي دائرة انتخابية لاختيار النائب الذي سيمثله في البرلمان خاصة بعد ان ابتعدت غالبية القيادات التاريخية عن المواطن في حين ان القيادات الجديدة لم تأخذ فرصتها بعد. وبعض الأحزاب التي كان من المفترض أن تكون ورش إنتاج السياسيين لم يعد لها أي دور أو جذور في الشارع.
أليس من العار أن شعباً يتباهى دائما بالحضارة يحتار ويعاني في كل مرة لاختيار رئيس للجمهورية 128 نائب يمثلونه… أين ذهبت القيادات؟ ومن يملأ الفراغ الذي اصبحنا نعاني منه منذ التمديد لمجلس النواب الحالي ودخول حكومة ميقاتي في مربع تصريف الاعمال والتلويح مؤخرا بالفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية سليمان؟
امام هذا الواقع المأساوي والزاحف على مؤسسات الدولة يصبح من الضروري على القوى السياسية والمدنية الحيّة ان تسعى في الوقت الراهن إلى التواجد السياسي الهادف، وذلك من خلال العمل في اتجاهين بشكل متواز:
أولا: تقديم خطاب سياسي متمايز يركز على التمسك بآليات الديمقراطية والتعددية، ويولي أهمية لقانون للانتخابات على اساس النسبية .
ثانيا: العمل من الآن على ترتيبات الانتخابات البرلمانية قبل أن يتفاجأ الجميع بعودة كل الوجوه القديمة إلى البرلمان (والتى جزء غير قليل منها فاسد)، خاصة أن التوقعات الأولية لشكل البرلمان القادم توحي بسيطرة المال السياسي على الانتخابات. وإن حدث ذلك فلا يمكن أن نلوم عليه أي أحد!
بعد ذلك كله يمكن الحديث عن صفات رئيس الجمهورية القادم الى قصر بعبدا والذي قد يترافق وصوله هذه المرة على وقع نتائج معركة القلمون التي ستكون لها تأثيرات مباشرة في الداخل اللبناني خاصة وان التسويات السياسية في لبنان تأتي عادة بعد محطة ساخنة كما حصل مع اتفاق الطائف او حتى اتفاق الدوحة.
^