بعد أن أخفقت لغة التهديد والوعيد تلك التي اتبعتها دول الغرب الاستعماري وعلى رأسها الولايات المتحدة من تحقيق أي نتائج تذكر.
عاد الإبراهيمي الى دمشق من جديد، وهذه المرة استطاع أن يقرأ تطورات الأحداث في المنطقة بصورة أفضل وتأكّد أيضاً أن حل الأزمة في المنطقة هو حل سوري بامتياز، وغيّب وجهة النظر التي تدعمها السعودية تماماً عن اهتماماته هذه المرة، وبدا أن الغرض الأساسي من زيارته هو الحصول على الموافقة السورية لحضور مؤتمر جنيف 2 دون الدخول في التفاصيل.
هذه الزيارة جاءت من أجل تسويق التفاهم الأميركي – الروسي، وبعد أن تغيّرت المعادلات على الأرض، لم يأتِ من أجل حل الصراع في سوريا على قاعدة بيان جنيف 1، وغمز لرفض “المعارضة” المشاركة في مؤتمر جنيف 2، لكن إجتماع الجامعة العربية في القاهرة أكّد أن الحل سياسي ويجب التوجه الى مؤتمر جنيف 2.
غياب ممثل السعودية عن اجتماع الجامعة العربية، هو أبلغ تعبير عن حالة الإحباط التي مُنِي بها هؤلاء وفشل مخططاتهم، وليس صدفة أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع سعود الفيصل ويخرج اللقاء بنتيجة واحدة “اتفقنا في الهدف واختلفنا في التكتيك”.
توصل الموفد العربي – الدولي (الإبراهيمي) الى قناعة تامة بأن السوريين وحدهم مَن يقرر مصيرهم وهذا أمر طبيعي وضروري، وتأكّد بأن المطلوب لجنيف 2 “معارضة مقنّعة”، ودعا إيران للمشاركة في المؤتمر، وهذا يعني أن الذهاب الى مؤتمر جنيف 2 سيتم بالشروط السورية أي قيادة سوريا للحل، أي لا مكان للإرهابيين في هذا المؤتمر.
ويؤخذ على “الإبراهيمي” أنه أغفل الإشارة الى الحرب على الإرهاب الدولي تلك التي يخوضها الجيش السوري باعتبارها أمراً واقعاً، لكن الرئيس السوري بشار الأسد، شدّد خلال اللقاء مع الإبراهيمي: “على أن نجاح أي حل سياسي يرتبط بوقف دعم المجموعات الإرهابية والضغط على الدول الراعية لها، التي تقوم بتسهيل دخول الإرهابيين والمرتزقة الى الأراضي السورية، وتقدّم لهم المال والسلاح ومختلف أنواع الدعم اللوجستي”، ومثل هذه الخطوة ضرورية وهامة لتهيئة الظروف المؤاتية للحوار ووضع آليات واضحة لتحقيق الأهداف المرجوة منه.
تجاهل “الإبراهيمي” “الإرهاب باعتباره معضلة مركبة ذات أبعاد إقليمية ودولية، وأن الفوضى الحاصلة هي بنية متكاملة من التعاون الاستخباراتي الغربي والإقليمي” لا تخدم الهدف الأساسي وهو إيجاد حل جذري للأزمة الحاصلة والتي هي نتاج الحرب التي تشن ضد سوريا بأشكال مختلفة.
وكان عليه أن يضع النقاط فوق الحروف والإشارة بكل وضوح بأن “تركيا والسعودية وقطر” يتحملون مسؤولية الدعم اللوجستي لمجموعات تنظيم “القاعدة” والمنظمات المتفرعة عنها في سوريا مثل “داعش وجبهة النصرة”.
زيارة “الإبراهيمي” الى دمشق خطوة ستعقبها خطوات قبل أن تصبح الطريق سالكة تماماً الى مؤتمر جنيف 2 وهذا يتوقف على استمرار النجاحات التي يحققها أبطال الجيش العربي السوري في كنس بؤر الإرهاب الوافد الى غير رجعة…