خرجت بعض الأصوات الرسمية السعودية لتعبر حدود المملكة وهي تتحدث بلهجة جديدة حادة والمستهدف هذه المرة هو حليفها الأميركي الرئيس باراك أوباما، ومَن يدقق في أقوال هؤلاء وأحزانهم يظن أنهم “غيارى على دم السوريين”، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً.
الرئيس الأميركي باراك أوباما يُتهم اليوم من أولئك بأنه متردد حيناً وغير مبال أحياناً تجاه الأزمة السورية، وهو (أوباما) لم يحرك ساكناً لترجمة تهديداته ضد سوريا، مثل هذا الكلام يأتي في وقت تمتلك فيه سوريا ومحور المقاومة زمام المبادرة في ميدان القتال في حين تتراجع المعارضة المسلحة المدعومة من حلفاء أميركا وهي أقرب الى الإنهيار وهذا ما تقوله صحيفة “نيويورك تايمز” المدعومة من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.
ونذكر هنا، عندما بدأ الرئيس أوباما ولايته الثانية في بداية العام، إلتأم يومها اجتماع للرئيس ومستشاريه في البيت الأبيض حول الموقف من سوريا؟ والخيارات المتاحة أمام واشنطن؟ حينها تقدم مدير “سي – أي – إي” ميشيل موريل باقتراح تسليح المعارضة، وكان جواب الرئيس أوباما “سأفكر…”.
اليوم يُشن هجوم كلامي من قبل حكام السعودية على الرئيس أوباما، وهذا ليس حباً بالسوريين أو لإيجاد حل للأزمة وإنما لتوجيه اللوم والإنتقاد لشخص الرئيس أوباما الذي لم يلب رغبتهم بشن عدوانه الواسع على سوريا، وحجة هؤلاء أن “أوباما لا يرى الأزمة السورية بحجمها الحقيقي كما يروها هم، وهم يسألون لماذا يبدو أوباما متردداً أمام حزم الروس في دعمهم للنظام السوري وحماسة الإيرانيين في تقديم الدعم، لكن السؤال الأهم الذي يثيره هؤلاء، لماذا لا يأخذ الرئيس أوباما في حساباته الإعتبارات والمصالح السياسية لحلفاء واشنطن حيال الأزمة السورية ورؤيتهم لحجم ومخاطر هذه الأزمة عليهم؟!
ونسأل هنا أين مصلحة السعودية في تدمير سوريا وإضعافها وأين هي المخاطر التي تهدد هؤلاء؟ والجواب المقنع، انتهت اللعبة وفشل هؤلاء وينتظرون أن ترتد الأزمة على من أشعل فتيلها وساهم في صنعها عبر دعم المرتزقة والمتسترين بالدين وبالمال والسلاح.
وحلفاء واشنطن يسجلون على إدارة أوباما، أنها لا ترى الأزمة السورية إلا من خلال الملف النووي الإيراني، وقرار أوباما الشهير بنقل التركير الإستراتيجي لإدارته من الشرق الأوسط الى المحيط الباسيفيكي الذي يمثل الساحل الغربي للولايات المتحدة وتشترك فيه مع منطقة جنوب شرق آسيا.
أما رئيس موظفي البيت الأبيض دينيس مكدانو وحسب صحيفة نيويورك تايمز فهو: “يشكك في أن لأميركا مصلحة في تخفيف العنف في سوريا، وأن اشتعال حرب بين القاعدة و”حزب الله” في سوريا هو أمر في مصلحة الولايات المتحدة، وهذا يتطابق مع موقف أوباما، “أن لا فائدة من الإستعجال في إنهاء الأزمة”.
لكن أمام الإنجازات التي حققها أبطال الجيش العربي السوري، فشل الأعداء أصحاب المشروع وأدواته في تحقيق أهدافهم، وبدأوا بالتراشق الإعلامي يحملون بعضهم تبعات النتائج التي جاءت بغير ما يشتهون.
تقول صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها: “أن محاولة السعوديين صوغ استراتيجية بديلة فشلت أمام إنقسام المعارضة السورية وصمود دور الجهاديين هناك” ويوحي التقرير بأن السعوديين بدلاً من أن يلوموا أنفسهم وحلفاءهم، يصبون غضبهم على واشنطن.
وهنا أيضاً، نذكر، أن أجواء لقاء وزير الخارجية الأميركي مع سعود الفيصل في باريس كانت لافتة للغاية، وأن عتاباً متبادلاً جرى بينهما، والسعوديين الذين استهجنوا فكرة الذهاب الى جنيف – 2 مجدداً قبل تغيير المعادلات على الأرض.
رد عليهم الأميركيون، بأن السعوديين لم يحسنوا استغلال عامين من العمل العسكري حتى الآن، ولم يقدموا إنجازاً جديراً بالذكر.
وعندما قال سعود الفيصل، أن السعودية جلبت اعتراف 100 دولة بالمعارضة الخارجية، رد الأميركي قائلاً، نحن من أنجز ذلك.
وعندما سعى الفيصل للتأكيد أن تطوراً ما يتحقق في مسألة تشكيل حكومة المعارضة، رد الأميركيون بمرارة واستهزاء.. حتى الآن لم تشكلوا هذه الحكومة.
والسؤال، هل تدعو السعودية لإعادة النظر في صيغة تحالفاتها مع أميركا هذه المرة كما يدعي بعض حكامها؟ ما الجديد، ما طبيعة الدور السعودي الجديد؟ وما هو مفهوم السعودية للأمن الوطني؟
ربما كل الأجوبة نجدها في تل أبيب