جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118: “إن مجلس الأمن يشدد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية في الجمهورية العربية السورية، يأتي فقط عبر عملية سياسية شاملة وبقيادة سورية تقوم على أساس إعلان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012”.
من حيث المعطيات يمكن اعتبار أن مؤتمر جنيف الذي حوله جدل بشأن عقده في أواسط تشرين الثاني القادم، هو مجرد خطوة على الطريق من شأنها وقف الحرب التي تُشن على سوريا وتمهد لمسار سياسي في المنطقة بشكل عام، وذلك استناداً لحالة التوفق الدولي وتضافر عوامل ومصالح مشتركة لكافة الأطراف في عقد تسوية سياسية، وهناك حاجة إقليمية لإيجاد حل لأن ما يجري على أرض الواقع بات ينذر بإنفلات الصراع الى بلدان الجوار بسبب التداخل العشائري والديني والقومي، وهناك معادلة دولية جديدة تشكّلت مع الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري، يقابلها حالة العجز التي سادت لدى أطراف “المعارضة” مع نمو الجماعات المتطرفة “الجهاديون” بشكل ينذر بخلط الأوراق في المنطقة بأكملها وهي جماعات غطتها المعارضة على أنها ظاهرة مؤقتة وطارئة واستقوت بها، وهذه الجماعات بدأت تنفذ أجندتها الخاصة وفرض نمط من الحياة يهدد وحدة الوطن والبنية الاجتماعية السورية، ما يعني بأن الحاجة أصبحت ملحة لجرد الحسابات والتركيز على ما هو مشترك فيما بين السوريين من أجل التصدي للإرهاب كما تجلى في بعض المناطق، أي أن حل الأزمة ووقف الحرب الكونية التي تشن ضد سوريا أصبحت تحكمه دوافع متداخلة زادها تعقيداً طول أمد الصراع وفشل المشروع المعادي وأدواته من تحقيق أهدافه.
لقد سقطت أوهام البعض ورهاناتهم من النيل من سوريا، ويوماً بعد يوم أصبحت بعض الأطراف التي انغمست في الصراع تعيد حساباتها وتطالب بوضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
اليوم هناك إجماع دولي وتوافق ما بين موسكو وواشنطن للسير في مسار يقود الى حل الأزمة من خلال مؤتمر جنيف 2 وما بعده، وجرّ بعض أطراف المعارضة الى المفاوضات ومنهم مَن يكابر ويطالب بأجندة واضحة وضمانات عربية ودولية للذهاب الى المؤتمر، لكن السواد الأعظم يرى أن الفرصة مناسبة للذهاب خوفاً من زيادة التراجع الأميركي والدور التراجعي الذي فرض على بريطانيا بسبب تراجع الدور الأميركي في المنطقة.
روسيا الآن هي اللاعب السياسي رقم واحد ومعها إيران التي لم تتنازل عن أي شيء وهي منتصرة بانتصار سوريا، ويمكن القول، ما بين جنيف1 وجنيف2 حصلت تداعيات كثيرة، وبقيت سوريا شامخة تقاوم وتدافع عن شرف الأمة وهي مصممة على قبر كل المشاريع المعادية ورهانها الوحيد على قبضات المقاومين الذين أثبتوا أن التضحية والوفاء لا يقبلا التجزئة ونحن أبناء أمة وجدت لتبقى منتصرة بالحق.
سوريا لن تقبل شروطاً من أحد، أما أعداء سوريا فقد خسروا كل أوراقهم ودب الخلاف فيما بينهم وتساقطت أوراقهم ورموزهم، وبعدما راوغ الأعداء واستخدموا أسلوب التهديد والوعيد بعدوان واسع، لكن الوقائع على الأرض لم تسعفهم، لأن سوريا ظلّت كما هي قوية بشعبها وجيشها وقيادتها وهي من ساهم في كسر القطبية الآحادية الأميركية وغطرسة القوة تهشّمت أمام صمود المقاومين في أمتنا وانتصارهم التاريخي.