وقفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بكل قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية الى جانب سوريا العروبة خلال الحرب الإقليمية والدولية التي استعرت على الأرض السورية طوال الأزمة التي استمرت أكثر من سنتين ونصف السنة.
وإذا أمعنّا النظر الى المنطقة بأسرها ككل واحد نرى أنها مترابطة في أحداثها وتداعياتها، وأن الصمود الذي أبدته سوريا وهي تقاوم بعض أولئك الذين تحالفوا مع الشيطان والأغراب وبعض من ضلوا الطريق وارتكبوا الجرائم الوحشية والخطف والترويع الذي قامت به الجماعات التي أقلقت المجتمع الدولي بأسره، لرأينا حجم الانتصار الكبير الذي تحقق من منطق الحسابات الاستراتيجية والحرب ضد الإرهاب، وبعد أن وصلت التهديدات الأميركية الى ذروتها ثم تراجعت متقهقرة بعد إعادة الحسابات والخوف من الغرق في مستنقع جديد يضاف الى سلسلة الهزائم والإنتكاسات والحروب الخاسرة في أكثر من مكان في العالم.
سوريا انتصرت في صراع الإرادات جيشاً وشعباً ودولة، ونجحت في التمسك بكل الأهداف والمبادئ والدور الكبير الذي تمثله في المنطقة كرأس حربة في محور المقاومة في أمتنا، وإذا ما أضيف الى ذلك الموقف الإيراني الحازم في الوقوف الى جانب سوريا، وهو موقف اقترن القول بالعمل وبالصدق والوفاء، واستطاع محور المقاومة أن يقطف نتائج حرب افتراضية، تراجع فيه الأميركي بأقل الخسائر الممكنة وخرج محور المقاومة منتصراً وفشل المشروع الأميركي – الصهيوني وأدواته في المنطقة.
إيران اليوم تتمسك بكل حقوقها ومن ضمنه الحق في إمتلاك القدرات النووية، وهي أصبحت تتحدث عن مفاوضات من موقع أكثر قوة ومن موقع الند مع واشنطن التي لم تستطع شن عدوانها وتهديداتها.
وبوسع إيران اليوم أن تضع الأجندة التي تحقق مصالح منظومة المقاومة وأن تفرض على الطاولة ربط الملفات ضمن سلسلة واحدة، وهي بذلك ستقاوم الرؤية الأميركية التي تقوم على تجزئة الملفات وعدم ربطها ببعض وهي التي تعودت ذلك عندما كانت تقوم بإدارة ورعاية مفاوضات ما يسمى عملية السلام، إذ تمكنت من فصل المسارات عن بعضها وأضعفت الصف العربي ومزقته وانفردت بالجانب الفلسطيني لحساب مصالح الكيان الصهيوني.
إنتصرت سوريا وإيران و”حزب الله”، أعمدة محور المقاومة في أمتنا، وهذا ما غير خريطة التوازنات العالمية، واليوم أصبح الأميركي مجبراً ليتحدث حول عدم نية بلاده تغيير النظام الإيراني واعترافه الضمني بحق إيران بالطاقة النووية، وهي معطيات جديدة لدى واشنطن بالإضافة الى اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الإيراني على طاولة الدول الست، ثم مهّدت لإجتماعها منفردين، هذه اللقاءات هي تعبير عن مؤشر انفتاحي ولا يتعلق بمسار تسوية حتى الآن، ولأن الحرب الكونية التي شنت ضد سوريا فشلت في تحقيق أهدافها، المرحلة انتقالية من حالة اللاحرب الى حال اللاسلم، والأمور مفتوحة على تفاهمات تمهيدية، من هنا جاء الحديث عن مؤتمر جنيف 2.
الأمر الجديد اللافت هو ما جاء في نص قرار مجلس الدولي رقم 2118، “أن مجلس الأمن يشدد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية في الجمهورية العربية السورية، يأتي فقط عبر عملية سياسية شاملة وبقيادة سورية تقوم على أساس إعلان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012، والتشديد على الحاجة الى عقد مؤتمر دولي في شأن سوريا في أسرع وقت ممكن”.