منذ أكثر من ثلاثة عقود، راهن بعض العرب على ما يسمى عملية السلام، ومنهم مَن قال أن 99% من تلك الأوراق هي بيد الأميركي، وعقدت اتفاقية كامب ديفيد على هذا الأساس، ولكن، ماذا كانت النتيجة بعد عشرين عاماً على اتفاق أوسلو سيء الصيت (أيلول 1993) الذي أوصل الشعب الفلسطيني الى كارثة حقيقية وليس الى إنهاء الاحتلال ولا الى حل عادل لقضية اللاجئين كما حاول فلاسفة “السلام المزعوم” تسويقه.
المستفيد الوحيد من عملية السلام المزعوم هو الكيان الصهيوني، الذي تنصل من الإلتزامات النظرية الواردة في اتفاق أوسلو مقابل إبقاء الإلتزامات المترتبة على الجانب الفلسطيني، والخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني وقضيته التي غيّبت قصراً عن المسرح الدولي من خلال الإدعاء أن عملية السلام تسير وبرعاية أميركية بينما استمر العدو في نهب الأرض وإقامة المستعمرات.
واليوم عاد الجانب الفلسطيني المفاوض مرة أخرى الى إنتاج ذات المسرحية من جديد وفي ظل القناعة نفسها بأن أوراق الحل مازالت بيد الولايات المتحدة الأميركية ونسي أن قوة هذه الإمبراطورية بدأت بالإنحسار بسبب حروبها التي شنت في أكثر من مكان في العالم وتكبّدت خسائر مادية وأخلاقية بحق الشعوب قاطبة، وهي اليوم تراهن على ربيبتها “إسرائيل” وثكنتها المتقدمة في المنطقة، والحاجة إليها تزداد كلما ضعفت إمبراطورية الحروب والخراب، والسؤال مَن الذي يرعى من اليوم؟ هل يعقل أن تستمر مسرحية المفاوضات “الملهاة” من دون أسس حقيقية وبدون مرجعية ولا أي ضمانات ولا أوراق قوة؟
كان الأجدى والأحفظ كرامة لصاحب القرار الفلسطيني، أن يقوم بعملية تقييم شاملة وجذرية حول جدوى تلك المفاوضات وبلورة مسار جديد بعيداً عن المفاوضات الثنائية برعاية أميركية انفرادية وبعيداً عن إلتزامات أوسلو.
ألم نتعلّم بعد ونقرأ الأحداث الجارية في العالم والمنطقة بشكل خاص وبعيون وعقول مفتوحة، اليوم يتساقط حلفاء أميركا في العالم الواحد تلو الآخر، مصر اليوم بدأت رحلة العودة الى عمقها العربي ودورها القومي بعد أن حاولت الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري من ركوب موجة الثورة هناك وتغيير الواجهة فقط وإبقاء المضمون، وروسيا اليوم تعود الى الواجهة كقوى عظمى دولية وبدأت تقول كلمتها.
والسؤال، ألا يستحق شعبنا الفلسطيني الذي قدم التضحيات أن يتدخل العالم بأسره لإنقاذه من براثن الاحتلال الصهيوني؟
والسؤال أيضاً، لماذا عادوا بنا الى المفاوضات من جديد!؟ هل هي الحاجة الى دعم المانحين؟ أم هي حاجة أميركية – صهيونية للإستفراد بسوريا وسحب ورقة فلسطين نهائياً من محور المقاومة في أمتنا؟ هل نحن أمام أوسلو “مربع”؟ الأسئلة كثيرة ومحرجة.