كثيرة هي التساؤلات التي تتكرر حول طول عمر الأزمة في المنطقة بشكل عام ونهاية الحرب الكونية التي تشن على سوريا، والسؤال الأهم يتعلق بالعدوان الأميركي المفترض، وهل مازال في التداول؟
إذا أردنا أن نقرأ المرحلة القادمة من خلال رؤية موضوعية يتوجب علينا العودة الى الماضي القريب ومعرفة المسار الذي رسمته الأحداث المتلاحقة والحروب الأميركية العدوانية في العالم وما آلت إليه من نتائج وتداعيات، ومنذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما مهامه الرئاسية قرّر الإنسحاب من العراق وأفغانستان علّه بذلك يستيعد بعضاً من ثقة الشعوب العربية والإسلامية التي خيّب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش آمالها.
لقد ساهمت موجة الثورات التي إجتاحت العالم العربي في إضعاف النفوذ الأميركي الذي حاول الرئيس أوباما توظيفه لخدمة المصالح الأميركية في المنطقة وأمن الكيان الصهيوني، وكانت النتائج بمثابة ضربة موجعة للإدارة الأميركية حيث تمّ إسقاط العديد من الحكام الذين عرفوا بتحالفهم الأعمى مع واشنطن خلافاً لإرادة وتطلعات شعوبهم، لكن الأهم في أحداث العالم العربي هو ما تعرضت له سوريا العروبة من حرب كونية قل نظيرها، وكان الصمود الذي أبدته سوريا ومعها محور المقاومة ودعم الأصدقاء الأثر الكبير في زعزعة مكانة الولايات المتحدة وأذنابها في المنطقة، ومن هنا كان التهديد الأميركي بالعدوان على سوريا.
لقد أثبتت الأحداث، أن التهديدات الأميركية ضد سوريا كان غرضها التعمية على فشل المشروع الاستعماري العدواني الذي استهدف سوريا والبحث عن ذرائع واهمة تسمح بالتدخل الدولي وكان العنوان “استخدام السلاح الكيماوي”، وهذه الذرائع لم تصمد أمام الحقائق والمواقف الدولية الأخرى بعد تراجع أقرب المقربين من حلفاء أميركا عن مبدأ المشاركة في حرب خاسرة لا محالة وكل حسب حجته الخاصة.
وبدا أن التهديدات الأميركية لم تكن فاعلة أو لم تكن صادقة أو مجرد مسرحية سياسية تمّ إخراجها بدقة، ودليل ذلك كانت المبادرة الروسية بوضع آليات للرقابة الدولية على المخزون الكيماوي السوري واتخاذ الإجراءات الضرورية لإنضمام سوريا الى منظمة حظر السلاح الكيماوي.
لذلك كانت المبادرة الروسية بمثابة خشبة الخلاص وبمثابة تسوية حررت الرئيس باراك أوباما من عبء الكونغرس ومنعته من التورط في حرب لا يريدها أصلاً.
ونجاح المبادرة الروسية كان مؤشراً هاماً على تثبيت مكانة روسيا كقوى دولية عظمى ولاعباً أساسياً في المعادلات العالمية.
وسوريا أيضاً كانت الرابح الأكبر حيث استطاعت بصمودها وصلابة محور المقاومة، أن تظهر للعالم أجمع حقيقة ما يجري في المنطقة وحجم العدوان الذي يستهدفها، وظهرت سوريا قوية بتحالفاتها الراسخة وبقوة شعبها وجيشها وقيادتها، وصمودها وهي التي سترسم خارطة الطريق للخروج من الأزمة قوية ومحصنة ورقم صعب لا يمكن تجاوزه.