قبلت سوريا المبادرة التي تقدم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن السلاح الكيماوي السوري وأعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أن قبول سوريا بالمبادرة الروسية جاء لإعتبارات وطنية “وانطلاقاً من حرص القيادة السورية على أرواح مواطنينا وأمن بلادنا”.
هذا التطور الهام في مسار الصراع الدائر في المنطقة، أسقط مزاعم الولايات المتحدة لشن عدوان على سوريا وأثبت أن العدوان باطل، وهذا أيضاً لا يعني أن العدوان انتهى، لأن العدوان الأميركي – الغربي – الصهيوني ومن معه من ذيول الخسران والمهانة هو عدوان قائم منذ أكثر من سنتين ونصف، ومن المهم أن تبقى الجهوزية عالية لدى سوريا ومحور المقاومة في أمتنا، واليقظة الاستراتيجية يجب أن تبقى بأعلى درجاتها، ما حصل أن فورة الجنون الأميركي تم لجمها وهي التي اتهمت سوريا باستخدام السلاح الكيماوي دون أي دليل، والرئيس الأميركي في عمله الأهوج هذا وضع الولايات المتحدة أمام خيارات صعبة وحرب مفتوحة.
جاءت المبادرة الروسية في توقيتها المناسب وعبرت عن رؤية بعيدة المدى، قرأت مفردات الصراع جيداً، ويمكن القول أيضاً، إن المبادرة الروسية كانت حاجة أميركية أكثر منها سورية، لأن الجيش العربي السوري حقق إنجازات نوعية أفشلت مخططات الأعداء، وهو بهذا زلزل الميدان السياسي والعسكري الأميركي، ولا نستبعد فرضية أن الولايات المتحدة هي طلبت من أدواتها وعصاباتها استخدام السلاح الكيماوي وإنتاج جريمتها الشنيعة وخلق ذرائع لتدخلها العسكري، عله بذلك يعوض فشل وكلاء الحرب والجريمة من تحقيق أي إنجاز.
لقد فشل الفكر التدميري الشامل الذي تنفذه العصابات الوهابية من تحقيق أهدافه في إضعاف سوريا وإبعادها عن معادلة الصراع، دمروا المساجد والكنائس واغتالوا كبار رجال الدين واستهدفوا السكان الأمنيين في أرواحهم وممتلكاتهم وأشاعوا الخراب والقتل في مكان.
العدوان مازال قائماً، والولايات المتحدة ستعطي الإرهاب الكثير من الدعم والإكسير ليظل حاضراً، والتهديد الأميركي والصهيوني مازال كما هو، والصراع يتواصل، إنها جولة انتصرت فيها سوريا ومحور المقاومة.
لقد كانت المبادرة الروسية خطوة هامة ومدروسة وهي نتيجة محادثات “روسية – أميركية” وجاءت انطلاقاً من المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وموسكو بذلك أوجدت مخرجاً لتخبط الرئيس الأميركي باراك أوباما وحالة الانقسام التي سادت في إدارته، وبعد صيحات الغضب والاستنكار والإدانة العالمية للعدوان الأميركي الأهوج، لقد انكشف الدور الأميركي البشع في المنطقة، وعبر عن حقيقة هذه الدولة التي أشعلت الحروب في كل مكان من العالم.
ما حصل أيضاً يستحق الوقوف عنده، المواقف الحازمة التي أطلقها أركان المقاومة في أمتنا والانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري وتضحياته والموقف الروسي الثابت والداعم لسوريا وما تمثله كان له الأثر البالغ في تحقيق الانتصار وكانت جولة هامة سيكون لها ما بعدها، لقد فتحت ثغرة كبيرة في جدار العدوان وظهرت الحقائق ساطعة وسيكون أمام المجتمع الدولي الوقت الكافي لإيجاد طريق لحل الأزمة والإشارة الى أولئك الذين أشعلوا النيران في عالمنا العربي، وقدموا خدماتهم للأعداء دون مقابل بعد أن تجردوا من عروبتهم وأخلاقهم بأعوان أنفسهم للشيطان.
لقد أثبتت سوريا العروبة وبكل جدارة بأنها الإدارة والمبادرة وخرجت منتصرة بعد أن رأى العالم بأسره حقيقة ما يجري في منطقتنا وانكشفت الولايات المتحدة تماماً، وهي تستثمر جرائم العصابات الإجرامية لإستدراج التدخل العسكري، سوريا اليوم تطالب بالانضمام الى معاهدة حظر الانتشار للأسلحة الكيماوية وهي أكثر قوة ويقيناً بالنصر النهائي على العدوان ومعها كل الشرفاء في أمتنا.