الحرب الأميركية على سوريا، هي حرب متواصلة ومستمرة منذ فترة طويلة، وإن كانت بشكل غير مباشر عبر الكيان الصهيوني أو الأدوات العربية المتأمركة وصولاً الى حرب المجرمين والقتلة من أولئك الذين تستروا بثوب الدين وهو منهم براء.
تأجلت الحرب الأميركية المعلنة ضد سوريا، وفي الحجج فإن الرئيس باراك اوباما ينتظر قرار الكونغرس الاميركي مع انه ليس بحاجة الى تفويض منه، وهنا نسأل هل الهدف محاولة لكسب الوقت والبحث عن وسيلة اخرى للتراجع تحفظ له ماء الوجه، كان اوباما قد اعلن انه قرر الحرب وانه يحتاج الى قرار من مجلس الامن ولن ينتظر تقرير المراقبين الدوليين، والتأجيل من باب الاحتمال هو امتناع عن الحرب واحتمال التوصل الى صفقة “اميركية – روسية“.
والسؤال ايضاً، ما الذي دفع الرئيس الاميركي الى تأجيل الحرب او إلغائها؟ من المؤكد، ان العامل الأبرز الذي ادى الى تأجيل الحرب يكمن في نتائجها المتوقعة وهي غير مضمونة والعواقب التي ستنجم عنها مفتوحة على كل الاحتمالات ولا يمكن السيطرة عليها، وفي كل الاحوال فان الهدفان الرئيسيان لاي حرب اميركية في المنطقة هما النفط وحماية ” امن اسرائيل” ، اما الحديث عن الإنسانية والاخلاق وحقوق الانسان، ما هي سوى دعاية رخيصة لا تنطلي على احد، لأن المصالح هي التي تحرك اميركا والغرب الاستعماري.
الهدف الاميركي من ضرب سوريا والقول ان تكون “الحرب محدودة” هو تعبير منقوص هدفه الانفراد بسوريا وتضليل الرأي العام، لان المطلوب اضعاف سوريا من خلال تدمير المراكز الحيوية للقوة السورية (المطارات ومنصات إطلاق الصواريخ ومراكز القيادة والسيطرة والاتصالات)، وجعل سوريا دولة معرضة للأنهيار السريع، ومثل هذا الامر سيدفع سوريا للرد على الحرب، والحرب ان بدأت ستكون حرب ارادات وسوريا ستكون مركز المقاومة وستقارع الولايات المتحدة وحلفاءها مباشرة وليس عبر اذنابها فقط، وهذا سيدفع حلفاء سوريا للمشاركة في تلك الحرب وضرب “اسرائيل” وتوسيع اطار الحرب والضرب بقوة على احد اهداف الولايات المتحدة من تلك الحرب الا وهو حماية “اسرائيل“
اذا كان الجانب الاميركي يخطط لضربة رمزية كما يشاع فمثل هذه الاكذوبة لن تمر، الحرب هي الحرب وهي كانت قد بدأت عبر الادوات والوكلاء وعجز هؤلاء عن تحقيق الهدف الاميركي – الاسرائيلي، اليوم يحاول الاميركي ان يدخل الحرب بشكل مباشر وبالنيابة عن “اسرائيل” لان الاخيرة عاجزة عن شن الحرب لوحدها وحرب لبنان الثانية وانتصار المقاومة (2006) مازال ماثلاً.
تراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما وبعد ان جعل السقف عالياً وتحدث عن ضرب سوريا عبر تهديدات اعلامية وتصريحات نارية، عاد الى صوابه لان تهديداته لم تفلح في كسر ارادة سوريا وجيشها وشعبها وقيادتها والتي كانت جاهزة للصمود ورد العدوان وهذا يعني ان الحرب ستكون المقدمة لانتصار سوريا ولان سوريا ليست وحدها ولديها حلفاء اقوياء “ايران، روسيا والصين” وهناك مؤشرات واضحة بان مصر ستنضم الى هذا التوجه، وهذا يعني ان الغطاء العربي لتلك الحرب بات مخروقاً تماماً.
الخاسر الوحيد من عدم تنفيذ الضربة الأميركية على سوريا هي “اسرائيل” لأن حليفها الاميركي لم يضمن نتائج تلك الحرب وخشي التويط فيها، ولأن “اسرائيل” هي العقل المدبر لتلك الحرب، ويمكن القول، ان صمود سوريا ومقاومتها للحرب الكونية التي شُنت ضدها اذهلت الاعداء وكشفت اوراقهم امام العالم اجمع، الأن بدأت حرب الإرادات، وسوريا ستنتصر ومعها كل شرفاء امتنا.
محمود صالح